للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الحدب:

[أبو مازن الأحدب]

وكان أحدب أعضد العظام [٢] ، أضعف الناس قبل كلّ شيء. وقد سمعته مع ذلك يقول: أنا لا أموت سويّا! قالوا: ولم؟ قال: لأني لا آخذ الناس إلّا عنوة! وهو الذي دقّ عليه الباب جبل العمّيّ [٣] بعد أن مضى من الليل [٤] وهدأت الرّجل [٥] ، فخرج إليه أبو مازن الأحدب وهو لا يظنّ أنه إنسان يريد أن يبيت عنده [٦] فلما رآه جبل العميّ قال له: ليس نحن في الصّيف فأضيق علي عيالك السّطح، ولا نحن في الشّتاء فتكره أكون قرب حرمتك، ونحن في الفصل [٧] ، وقد تعشّيت وإنّما خفت الطائف [٨] ، فدعني أبيت بقية ليلتي في الدّهليز، في ثيابي التي عليّ، فإذا كان مع الفجر مضيت.


[٢] الأصل في معني الأعضد أنه الدقيق العضد، كما في اللسان والقاموس: وأبو مازن هذا من البخلاء، وذكره الجاحظ في البخلاء ٣٢- ٣٣ حيث ساق القصة التالية له مع جبل العمي.
[٣] هو أبو عبد الله الأبرص العمي، كما في الحيوان ٢: ٢٤٠، قال الجاحظ: «وكان من المعتزلين» . وأنشد له شعراء في الحيوان ٥: ٣١٥. وذكره في البخلاء ٣٢- ٣٣ باسم «جبل العمى» كما هنا ويبدو أن «الجبل» لقب له، وأن اسمه «روح» كما في ديوان أبي نواس ١١٨٤ حيث نجد ست مقطوعات لأبي نواس في هجائه بالثقل والسماجة والبرد وإيذاء جلسائه بغنائه المقيت. والعمى: نسبة إلى موضع يقال له «العم» ، ويبعد أن يكون منسوبا إلى بني العم، وهم مرة بن مالك بن حنظلة.
[٤] أي مضى جزء من الليل.
[٥] في الأصل: «وهدت الرجل» . وهو كناية عن انصراف القوم إلى النوم.
[٦] في البخلاء: «فلم يشك أبو مازن أنه دقّ صاحب هدّية، فنزل سريعا» .
[٧] في البخلاء: «نحن في أيام الفصل، لا شتاء ولا صيف» . يعني اعتدال الزمان
[٨] الطائف: العاسّ بالليل، والعسس أيضا، كما في اللسان.

<<  <   >  >>