للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: عبد العزيز جاويش ١٨٧٦- ١٩٢٩

من رواد التربية والصحافة والاجتماع، استمد من ثقافة الإسلام والغرب تكاملًا عميقًا في مفاهيم النهضة، مما فتح أمامه آفاق العلم في مجال إنشاء الكنايات وبناء الأفراد. جمع في إهابه سمات شخصيات كبيرة، فقد ترسم خطى السابقين من المصلحين من أمثال: جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وتخلق بخلق أحمد بن حنبل في احتمال المحنة، والغزالي في المزج بين الشكل والمضمون. دينه من خلق عمر من عبارته: "إن قول الحق لم يدع لي صديقًا"، وفيه من كلمات الأبرار: "إن سجني خلوة، وتغريبي سياحة، وقتلي شهادة".

تألق نجمه في مجال الصحافة والسياسة والإصلاح منذ تولى تحرير جريدة "اللواء" ١٩٠٨، فشغل الناس بآرائه الجريئة، وحملاته على الاحتلال والاستبداد الداخلي والمستوزرين، ولما ضاق الإنجليز بكتاباته، وأزعجهم أسلوبه قدموه إلى المحاكمة، وزجوه في غياهب السجن فظل به أربع سنوات من مايو ١٩٠٨ إلى فبراير ١٩١٢، ومع ذلك ظل أخصب فكرًا، وأثرى إنتاجًا، حتى خلق مدرسة صحفية ذات إيمان صادق، مشى في ركابها أمين الرافعي، وصادق عنبر، وأحمد وفيق.

ومن أروع ما دبجه براعه، وسال على شباة قلمه، وفاض به خاطره سلسلة من المقالات تحت عنوان "خير أنواع الحكومات" كشف فيها عن رأيه في نوع الحكومة التي تحتاجه مصر وبلاد الشرق والعالم الإسلامي.

أسلوب جاويش:

وصفه تلميذه طه حسين فقال: "كان عذب الروح، حلو الحديث في حذق واحتشام، شديد الحياء حتى ما يكاد يرفع بصره عن محدثه، وكان مع هذا حاد المزاج، يثور لأقل ما يتوهم فيه الفض من كرامته أو تهاون دينه، بل مخالفة رأيه، على أنه كان من صفاء النفس وطيبة القلب وخلوص النية بالمكان الرفع، سمحًا كريمًا يجود بقوته، ولو لم يكن سواه سبيل"١، وأهم ما يميز أسلوبه ويوضح طريقته في كتاباته الإصلاحية ما يلي:


١ راجع ص٢١٢ من عبد العزيز جاويش، العدد ٤٤ من سلسلة أعلام العرب، فقد نقل الأستاذ أنور الجندي النص من كتاب المفصل في الأدب طبعة ١٩٣٤.

<<  <   >  >>