للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سادسا: أبو حيان التوحيدي ٣١٠-٤٠٠هـ]

عَلَمٌ من أعلام الفلسفة الأدبية، عبر عن أعمق المعاني الفلسفية بالصور الحسية، والتشبيهات اللفظية، والعبارات الأدبية؛ ولذا اعتبر رائد "الأدباء الفلاسفة" أو "الفلاسفة الأدباء". وصفه ياقوت الرومي بأنه "فيلسوف الأدباء، وأديب الفلاسفة، ومحقق المتكلمين، ومتكلم المحققين، وإمام البلغاء.. فرد الدنيا الذي لا نظير له ذكاء وفطنة وفصاحة ومكنة"١.

عاش في القرن الرابع الهجري الزاخر بالحياة العقلية، وتقدم العلوم، وتعدد الفنون، وتنوع الثقافات، وبروز الحركات الفكرية. جمع بين التراث اليوناني والثقافة العربية، في عصر كثرت فيه المجالس الأدبية، والندوات الفكرية. وظهر أثر ذلك في كتبه ورسائله حتى اعتبر الناطق بلسان الثقافة الرفيعة، ورسول الفكر الممتاز في كل منتدى من منتديات عصره.

أوصافه في "الإمتاع والمؤانسة":

كتاب "الإمتاع والمؤانسة" أبرز الآثار الأدبية لأبي حيان التوحيدي، والمطلع عليه يعجب بثقافة الرجل الواسعة، واطلاعه الغزير؛ إذ يضم مسائل في كل علم وفن: أدب وفلسفة وحيوان وأخلاق وطبيعة وبلاغة وتفسير وحديث ولغة وسياسة وفكاهة ومجون وتحليل لشخصيات فلاسفة العصر وأدبائه وعلمائه، وتصوير للعادات وأحاديث المجالس ... إلخ.

وبجانب هذا يلقي ضوءا على الحالة الاجتماعية والثقافية للعراق خلال النصف الثاني من القرن الرابع الهجري "أي العصر البويهي"، وصفه القفطي فقال: "هو كتاب ممتع على الحقيقة لمن له مشاركة في فنون العلم، فإنه خاض في كل بحر، وغاص كل لجة، وما أحسن ما رأيته على ظهر نسخة من كتاب "الإمتاع" بخط بعض أهل جزيرة صقلية، وهو: ابتدأ أبو حيان كتابه صوفيا، وتوسطه محدثا، وختمه سائلا ملحقا"٢.


١ راجع: معجم الأدباء جـ١٥ ص٥ طبعة الدكتور فريد الرفاعي.
٢ راجع: أخبار الحكماء ص٣٨٣ طبعة ١٣٢٠هـ.

<<  <   >  >>