للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الطور الخامس]

نعني به الفترة التي واكبت الحرب العالمية الثانية، وامتدت لثورة ١٩٥٢، وما وليها من العهد الاشتراكي. ولقد قلنا من قبل: إن الأمة انقسمت إلى أحزاب بعد موت سعد زغلول ١٩٢٧، وحرص كل حزب على الحكم أكثر من حرصه على مصلحة الأمة، فهال الشباب الوطني مصرع الكرامة، ووأد الفضيلة، وذبح الوطنية في عهد الملك السابق. ولما شاع الاستبداد، وعم الفساد، وثب نفر من صفوة الضباط الأحرار، وقادوا ثورة ١٩٥٢، وأطاحوا بعرش الفساد، وقضوا على الأحزاب، وحققوا الاستقلال أمل الشعب طوال سبعين عاما خلت قبله.

ووقفت مصر من البلاد العربية موقف الريادة، فتحررت شعوب، وثارت أخرى، وانعكس هذا على حياتنا الفكرية. وبدأ الكتاب يستعيدون المفاهيم القديمة في الحرية والعدالة والمساواة، وصاغوا ذلك في ثوب جديد من حياتنا الاشتراكية الحريصة على تحقيق الكفاية والعدل، وتمكن الكتاب خلال هذه التجربة الحية من ممارسة الحرية والشعور بها، وانطلقوا في كتاباتهم دون الوقوف عند حد، فأتوا بالجديد في الأدب والفكر.

وحفل هذا الطور بنفر من الكتاب اللامعين من أمثال: محمود أبو الفتح، وأحمد أبو الفتح، وميخائيل نعيمة، وعلي ومصطفى أمين، ومحمد التابعي، ومحمد حسنين هيكل، وزكي نجيب محمود، وأحمد بهاء الدين، وحسين فوزي، ولويس عوض، ومحمد زكي عبد القادر، وأحمد الصاوي محمد، وعلي حمدي الجمال، وغيرهم ممن يعملون في الصحف المصرية والعربية اليوم. ومعظم هؤلاء يعيشون بيننا اليوم، وتتميز أساليبهم بالتأثر بالأدب الغربي، واستلهموا ثقافاتهم من ينابيع شتى، ويعملون بجد ونشاط في حياة الفكر المعاصر، ولا نستطيع أن ندخل كتاباتهم التاريخ حتى تستكمل آثارها، ويصبح لها طابع فني يؤهلها للحكم عليها.

كتب محمد حسنين هيكل مقالا بجريدة "الأهرام" بعد نكسة ١٩٦٧ تحت عنوان "مصر الالتزام والقدر" جاء فيه:

"لعل الموقف المصري هو أوضح المواقف على مسرح الصراع الكبير والخطير الدائر الآن على أرض الشرق الأوسط، والموقف المصري سهل بسبب وضوحه، وهو لنفس السبب صعب، والوضوح نهار، والنهار تعرض، وذلك يعكس الغموض الذي يمكن أن يكون ليلا، والليل نهارا.

ومن هنا فلعل الحديث عن دور مصر -في صراع الأطراف العشرة على

<<  <   >  >>