للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المعتزلون في المساجد والمدارس وآفات الاعتزال]

...

الله عليه وهذه سنته، وهذا هدي الخلفاء الراشدين وكل لا تجهل سيرته من منهم اعتزل وكان حلس بيته راضيًا أن يكون كلًّا على غيره رافضًا واجباته في أمته.

وجلي أن يستفاد من المخالطة ما يفوت بالعزلة قال الإمام الغزالي عليه الرحمة: انظر إلى فوائد المخالطة والدواعي إليها ما هي: هي التعليم والتعلم والنفع والانتفاع والتأديب والتأدب والاستئناس والإيناس ونيل الثواب وإنالته في القيام بالحقوق واعتياد التواضع واستفادة التجارب من مشاهدة الأحوال والاعتبار بها. ثم فصلها في إحيائه قدس الله سره وأبان في خلال الفائدة السادسة من فوائد المخالطة غايات بعض المعتزلين من المتصولحين. وعبارته:

فكم من معتزل في بيته وباعثه الكبر ومانعه عن المحافل أن لا يوقر أو لا يقدم أو يرى الترفع عن مخالطتهم أرفع لمحله وأبقى لطراوة ذكره بين الناس، وقد يعتزل خيفة من أن تظهر مقابحة لو خالط فلا يعتقد فيه الزهد والاشتغال بالعبادة فيتخذ من البيت سترًا على مقابحة إبقاء على اعتقاد الناس في زهده وتعبده. وعلامة هؤلاء أنهم يحبون أن يزاروا ولا يحبون أن يزوروا ويفرحون بتقرب العوام والسلاطين إليهم واجتماعهم على بابهم وطرقهم وتقبيلهم أيديهم على سبيل التبرك ولو كان الاشتغال بنفسه هو الذي يبغض إليه المخالطة وزيارة الناس بغض إليه زيارتهم له فإذن من حبس نفسه في البيت ليحسن اعتقادات الناس وأقوالهم فيه فهو في عناء حاضر في الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون. انتهى كلامه عليه الرحمة.

<<  <   >  >>