للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦- اتخاذ الجوامع خانقاهات:

من المعلوم أن الأمراء السالفين شادوا للصوفية خانقاهات "تكايا" يقيمون بها أذكارهم وأورادهم وكل ما اصطلحوا عليه من الأوضاع والرسوم وقد عد صاحب "الدارس" عدة منها وما أثر عن الأمراء أنهم رتبوا في المساجد العامة صوفية لإقامة رسومهم، وذلك لأن المساجد المطروقة إنما بنيت للصلاة والجمعة والجماعة فلو أقيم بها تلك الرسوم لتشوش على المصلين أداء العبادة، وقد يضطرون إلى مبارحة ذلك المسجد إلى غيره إذا جاء ميعاد الاجتماع للذكر، فلذا كان من التنظيمات الحسنة إيواؤهم زوايا وخانقاهات خاصة بهم وبإخوانهم وبمن يرغب أن يحضر احتفالهم وأوقات مواعيدهم١.

بيد أنه في الأزمنة المتأخرة صار بعض المتصوفة يسعى بتوجيه مشيخة عليه في بعض الجوامع العامة ويوهم أنه تكية خداعًا وتلبيسًا فإذا وجه عليه مشيخة مريديها أخذ في إقامة رسوم طريقته، وقد يتفق ذلك في أوقات قدوم مصلين فيجيء المحذور المتقدم. ومن أرباب الطريق من لا يجوز دخول من ليس من طريقتهم إلى حلقة ذكرهم ولا حضوره وهو يراهم ولو على بعد، فإذا حضر ميعاد ذكرهم وتأخر في المسجد بعض المصلين أو العاكفين ممن ليس بإخوانهم اضطروه إلى الخروج أما مشافهة أو بدق حلقة باب حرم المسجد دقا مكررا فيضطر إلى الخروج وقد يكون الوقت باردًا وقصد ذاك المسكين أن يستدفئ بالمسجد أو يتعبد بالاعتكاف فيه ساعة مثلًا فيخرج متألمًا متكدرًا وإن تكن نية بعض الصوفية في ذلك صالحة -وهو الذي أراه تحسينًا للظن- ولكن لا حاجة إلى الولوج في أمور متشابهة والتكلف للمخرج منها فالرجوع من هؤلاء إلى زوايا خاصة أورع وأتقى وأبرأ للدين والله ولي المتقين٢


١ قلت: بل هذا من محدثات الأمور، "وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" كما قال عليه الصلاة والسلام. "ناصر الدين".
٢ قلت: كلا، بل إن رجوعهم إلى مساجد المسلمين، والتزامهم سنة سيد المرسلين، وسيرة أصحابه المكرمين، هو البر والتقوى، ولا حول ولا قوة إلا بالله. "ناصر الدين".

<<  <   >  >>