للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ألا ترى أنك لو سمعت في كلامهم مثل "أجْرَك، وأجْبَك" لقضيت بأن الهمزة زائدة بهذا الذي قد صدّره أبو عثمان، ولم تحتَجْ فيه إلى الاشتقاق؟ وقوله: "وكان الشيء الذي هي فيه عدده أربعة أحرف بها فهي زائدة"، يريد به: أنه إذا جاءت ثلاثة أحرف لا١ يُشَكّ في أنها من الأصول وفي أولها همزة, قضيت بزيادة الهمزة.

فأما إن كان في الكلمة حرف يجوز أن يكون زائدا، أو وقع فيها تكرير، لم تقض بزيادة الهمزة إلا بدليل. وإذا كان الأمر كذلك، فللسائل أن يقول: ما الدليل على أن الياء في أيْدَع فاء, وما تنكر أن تكون زائدة، وتجعل الهمزة أصلا ويكون وزن الكلمة "فَيْعَلًا"؟

فالجواب في ذلك: أن حمل الهمزة على الزيادة أولى من حمل الياء عليها؛ وذلك أن زيادة الهمزة في أول الكلمة أكثر وأوسع٢ من زيادة الياء ثانية، ألا ترى أن باب "أحمر وأصفر" أكثر من باب "خَيْفَق وصَيْرَف"؟ فبهذا الدليل ثبتت٣ زيادة الهمزة في أيدع.

وقد حكى بعضهم: "يَدَّعْتُهُ تَيْدِيعا" فهذه دلالة قاطعة على كون الياء فاء. ومن ذلك قولهم٤: "أَوْلَقٌ وأَيْصَرٌ" لا يقضى بزيادة الهمزة فيهما لأجل الواو والياء فيهما، فيحتاج إلى الاشتقاق، وسنذكرهما في موضعهما إن شاء الله٥.

فأما٦ التكرير، فقال سيبويه: "لو جاء في الكلام شيء نحو: "أكْلَل،


١ ظ، ش: ولا.
٢ أوسع: زيادة من ظ، ش.
٣ ص: ثبت.
٤ قولهم: زيادة من ظ، ش.
٥ إن شاء الله: زيادة من ظ، ش.
٦ ظ، ش: وأما.

<<  <   >  >>