للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- العوامل والمعمولات:

كل من يقرأ كتاب سيبويه يرى رأي العين أن الخليل هو الذي ثبت أصول نظرية العوامل, ومد فروعها وأحكمها إحكاما بحيث أخذت صورتها التي ثبتت على مر العصور, فقد أرسى قواعدها العامة ذاهبا إلى أنه لا بد مع كل رفع لكلمة أو نصب أو خفض أو جزم من عامل يعمل في الأسماء والأفعال المعربة ومثلهما الأسماء المبنية. والعامل عادة لفظي مثل المبتدأ وعمله في الخبر الرفع، والفعل وعمله في الفاعل الرفع وفي المفعولات النصب. وقد يكون العامل معنويا على نحو ما نص تلميذه سيبويه من باب المبتدأ إذ جعله معمولا للابتداء. ومن العوامل أدوات وحروف، منها ما يجزم الفعل وهو لم وإِنْ وأخواتهما, ومنها ما ينصبه أو ينصب بعده وهو أن ولن وبابهما. ومنها ما ينصب ما بعده ويرفعه كالفعل وهو إنّ وأنّ ولكن وكأن وليت ولعل، يقول سيبويه: "زعم الخليل أن هذه الحروف عملت عملين: الرفع والنصب كما عملت كان الرفع والنصب حين قلت: كان أخاك زيد، إلا أنه ليس لك أن تقول: "كأن أخوك عبدَ الله" تريد: كأن عبد الله أخوك؛ لأنها لا تتصرف تصرف الأفعال ولا يضمر فيها المرفوع كما يضمر في كان، ومن ثم فرقوا بينهما كما فرقوا بين ليس وما, فلم يجروها مجراها. ولكن قيل: هي بمنزلة الأفعال فيما بعدها وليست بأفعال"١. وقال: إذا دخلت ما على إنّ هي وأخواتها كُفَّت عن العمل أو ألغي عملها ما عدا ليت؛ فإنه يجوز معها الإلغاء والعمل إذا وليتها ما٢. وفي ذلك ما يؤكد أنه صاحب فكرة الإلغاء والإعمال في العوامل لا في باب إن وحده، بل أيضا في باب ظن وأخواتها وغيره من الأبواب. وهو الذي فتح مباحث حروف الجر الزائدة التي تعمل عملا لفظيا فيما بعدها،


١ الكتاب ١/ ٢٨٠.
٢ الكتاب ١/ ٢٨٢ وما بعدها.

<<  <   >  >>