للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واضح في المعنى، فأجابه بأن "غير" منصوبة بأعبد، وتأمروني غير عامل فيها، كقولك: هو يقول: ذاك بلغني، فبلغني لغو، وكذلك تأمروني، وكأنه قال: فيما تأمروني١. وسأله سيبويه عن قول الأعشى:

إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا ... أو تنزلون فإنا معشر نزل

لماذا رفع "أو تنزلون" وهي معطوفة على فعل مجزوم، فقال: كأنه توهم أنه قال في أول البيت: أتركبون فرفع، بالضبط كما جاء عند زهير من قوله:

بدا لي أني لست مدركَ ما مضى ... ولا سابقٍ شيئًا إذا كان جائيا

فقد عطف "سابق" بالجر على مدرك المنصوبة، كأنه توهم أن "مدرك" مجرورة؛ لأنه يكثر أن يأتي خبر ليس مجرورا بباء زائدة٢. وحمل على هذا الباب وقوع الفعل المجزوم في الآية الكريمة: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} فإن معنى لولا أخرتني فأصدق، وإن أخرتني أصدق، واحد٣؛ ولذلك عطف الفعل بالجزم وكأنما سبقته أداة جازمة.


١ الكتاب ١/ ٤٥٢.
٢ الكتاب ١/ ٤٢٩.
٣ الكتاب ١/ ٤٥٢.

<<  <   >  >>