للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: التعريف الصريح للعلمانية]

الواقع أن دارس العلمانية سيلاحظ تعريفات كثيرة، إلّا أن أصدق تلك التعريفات وأقربها إلى حقيقة العلمانية, هو أن العلمانية مذهب هدَّام يُرَاد به فصل الدين عن الحياة كلها وإبعاده عنها, أو هي إقامة الحياة على غير دين, إمَّا بإبعاده قهرًا, ومحاربته علنًا كالشيوعية، وإمَّا بالسماح به وبضده من الإلحاد, كما هو الحال في الدول الغربية التي تسمِّي هذا الصنيع حرية وديمقراطية, أو تدين شخصي، بينما هو حرب للتدين، ذلك أن حصر الدين في نطاق فردي بعيدًا عن حكم المجتمع وإصلاط شئونه هو مجتمع لا ديني؛ لأنه أقام حياته الاجتماعية والثقافية وسائر معاملاته على إقصاء الدين١.

وهو حال الحضارة الغربية الجديدة ونظامها، وهذا هو الواقع الصحيح، ولا عبرة بمراوغتهم في زعمهم أنهم يرعون التدين، فإنها مجرد خداع للمتدينين، فإن تسميتهم لهذا الإلحاد علمًا هو من باب فرحهم بمعرفتهم ظاهرًا من الحياة الدنيا، وأين هو من العلم الحقيقيّ الذي يوصِّل صاحبه إلى معرفته ربه ودينه, وإلى السعادة في الدنيا والآخرة.


١ انظر العلمانية, محمد قطب, ص٥.
٢ وانظر العلمانية, سفر الحوالي, ص٢١.

<<  <   >  >>