للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شعره]

لم ينص أحد على مقدار ما صحت به الرواية عن طرفة، إلا أن بعضهم ذكر أن ما يصح من ذلك أحد عشر شعرًا؛ فلا يميز من المنحول في شعره إلا القليل، وإلا ما جاءت بسببه رواية من الروايات؛ كبعض القصائد التي نسبها له حماد، وستعرف شيئًا منها في بحث الرواية والرواة*، غير أن طويلته من شعره الذي لا خلاف في نسبته، وإن كانت لا تخلو من تهذيب الرواة وزيادتهم فيها، وهي التي [فضله] الناس بها وجعلوها واحدته وقالوا فيه من أجلها إنه أجودهم طويلة؛ وتكاد هذه القصيدة تكون ديوانه؛ لأنها جمعت محاسن صنعته وضمت أطراف معانيه واطردت اطراد الماء، وهي التي جعلت صاحبها أضرب شعراء الجاهلية مثلًا عند قتيبة فيما أجاب به الحجاج حين كتب إليه يسأله عن أشعر الجاهلية واشعر أهل زمنه، وقد عد العلماء أكثر مخترعات طرفة منها. كقوله فيها "ص١٧٦ ج١: العمدة".

ولولا ثلاث هن من لذة الفتى ... وجدّك، لم أحفل متى قام عودي

فمنهن سبقي العاذلات بشرية ... كميت متى ما تعل بالماء تزبد

وكري إذا نادى المضاف مجنبًا ... كسيد الغضا ذي الطخية المتورد

وتقصير يوم الدجن والدجن معجب ... ببهكنة تحت الطراف المعمد

ولم يجدوا له مخترعًا في غيرها إلا قليلًا.

وروى بعضهم في سبب قولها، أنه كان لطرفة أخ اسمه معبد، وكان لهما إبل يرعيانها يومًا ويومًا، فلما أغبها طرفة قال أخوه معبد: لم [لا تسرح] في إبلك؟ ترى أنها إن أخذت تردها بشعرك هذا؟ قال: فإني لا أخرج فيها أبدًا، حتى تعلم أن شعري سيردها إن أخذت! فتركها وأخذها ناس من مضر.

وقيل: بل إن الإبل التي ضلت هي إبل معبد فسأل طرفة ابن عمه مالكًا أن يعينه في طلبها فلامه


* قلت: انظر التعليق في ص٨٦.
"ملاحظة: بحث "الرواية والرواة" يشكل الباب الثاني من أبواب الكتاب، وقد ورد في الجزء الأول ص١٧٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>