للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النوع الثلاثون: في السرقات الشعرية]

[مدخل]

...

[النوع الثلاثون: في السرقات الشعرية]

ولربما اعترض معترض في هذا الموضوع فقال: قد تقدم نثر الشعر في أول الكتاب، وهو أخذ الناثر من الناظم، ولا فرق بينه وبين أخذ الناظم من الناظم، فلم يكن إلى ذكر السرقات الشعرية إذن حاجة. ولو أنعم هذا المعترض نظره لظهر له الفرق وعلم أن نثر الشعر لم يتعرض فيه إلى وجوه المأخذ وكيفية التوصل إلى مدخل السرقات، وهذا النوع يتضمن ذكر ذلك مفصلا.

واعلم أن الفائدة من هذا النوع أنك تعلم أين تضع يدك في أخذ المعاني إذ لا يستغني الآخر عن الاستعارة من الأول١، لكن لا ينبغي لك أن تعجل في سبك اللفظ على المعنى المسروق فتنادي على نفسك بالسرقة، فكثيرا ما رأينا من عجل في ذلك فعثر، وتعاطى فيه البديهة فعقر.

والأصل المعتمد عليه في هذا الباب التورية والاختفاء٢ بحيث يكون ذلك أخفى من سفاد الغراب، وأظرف من عنقاء مغرب في الإغراب.


١ قال أبو هلال العسكري: ليس لأحد من أصناف القائلين غنى عن تناول المعاني ممن تقدمهم، والصب على قوالب من سبقهم، ولكن عليهم إذا أخذوها أن يكسوها ألفاظا من عندهم، ويبرزوها في معارض من تأليفهم. "الصناعتين ١٩٦".
٢ قال القاضي الجرجاني: فإن الشاعر الحاذق إذا علق المعنى المختلس عدل به عن نوعه وصنفه، وعن وزنه ونظمه، وعن رويه وقافتيه. فإذا مر بالغبي الغفل وجدهما أجنبيين متباعدين، وإذا تأملهما الفطن الذكي عرف قرابة ما بينهما، والوصلة التي تجمعها "الوساطة ١٩٩"
وقال أبو هلال: والحاذق يخفي دبيبه إلى المعنى يأخذه في مسترة فيحكم له بالسبق إليه أكثر من يمر به "الصناعتين ١٩٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>