للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعاد محمد صلى الله عليه وسلم إلى أمه ليبدأ مرحلة جديدة من قومه وعشيرته..

وفاء النبي لأيام حليمة:

عاش النبي صلى الله عليه وسلم أيامه الأولى عند حليمة السعدية، ونما جسده بلبنها، وصفا لسانه بلغات بني سعد، وصاحب عديدا من الناس.

وعاش محمد -وهو في ديار حليمة- مع قبيلة بني سعد؛ حيث أحبه كل مَن رآه، وأحاطوه بالرعاية الحسنة والتكريم الجميل.

وحفظ صلى الله عليه وسلم لحليمة وأسرتها هذا الجميل، وكان يذكره، ويشيد به.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أعربكم، أنا من قريش، ولساني لسان بني سعد" ١.

يقول محمد بن المنذر: استأذنت امرأة على النبي صلى الله عليه وسلم كانت أرضعته، فلما دخلت عليه، سر بها، وقال: أمي، أمي، وعمد إلى ردائه فبسطه لها فقعدت عليه٢، وعرَّف أصحابه بأنها حليمة.

يروي ابن سعد بسنده أن حليمة قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد زواجه خديجة رضي الله عنها، وشكت إليه جدب البلاد وهلاك الماشية، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة في شأنها، فأعطتها أربعين شاة وبعيرا، وانصرفت لأهلها٣.

وأخرج أبو داود بسنده عن ابن الطفيل رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله يقسم لحما بالجعرانة -وأنا يومئذ غلام أحمل لحم الجزور- إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى رسول الله فبسط لها رداءه، فجلست عليه، فقلت: مَن هذه؟ قالوا: هذه أمه صلى الله عليه وسلم التي أرضعته"٤.


١ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد - كتاب المناقب - باب في حليمة ج٩ ص٤١٥.
٢ الطبقات الكبرى ج١ ص١١٣.
٣ المرجع السابق ج١ ص١١٤.
٤ سنن أبي داود - كتاب الأدب - باب في بر الوالدين ج٢ ص٦٣٠.

<<  <   >  >>