للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك أشرك أبناء عبد المطلب محمدا صلى الله عليه وسلم معهم في حرب الفجار، وكانت هذه المشاركة تجربة عملية، عاشها مع أعمامه وأقرانه من غير أن يكون منه عدوان أو ظلم، وبخاصة إذا علمنا أن أيام العرب كانت نادرة الدم، فهي عبارة عن تدريب ويقظة، وحراسة مستمرة، ومواجهة ينشغل بها أبناء القبيلة جميعا، حتى لا يتركوا غفلة لخصومهم، وكانوا يحددون لحروبهم أياما يتقابلون فيها في مكان معين، وفي موعد معين، وكأنها مباراة دورية، ومبارزة تنتهي بانتصار طرف، وانسحاب الفريق المنهزم، وبعدها يحددون موعدا جديدا في مكان يتفقون عليه، وأغلب أيام الفجار كانت في عكاظ.

يدل على ندرة الدم في أيام العرب أن هوازن حين عرض الصلح عليها، أخذت أربعين رجلا من قريش رهينة لديها حتى تأخذ دية قتلاها، الذين بلغوا هذا العدد طوال أيام الفجار التي استمرت خمسة أعوام.

إن حربا تقع بين قريش وكنانة بقبائلهما وبطونهما، وبين هوازن بكل ما تشتمل عليه، وتستمر خمسة أعوام، ويقتل من هوازن أربعون رجلا، ويقتل من قريش عشرون رجلا فقط، لدليل على قلة القتلى في أيام العرب.

والجانب الضعيف هو جانب هوازن؛ حيث انتصر القرشيون في يوم الشرب أكبر أيامهم، وانتصرت هوازن في يوم الحريرة انتصارا جزئيا؛ لأن بني نصر من قريش ثبتوا فيها، ولم ينسحبوا، مع أن هذه الأيام كانت تقع قرب ديار هوازن عند عكاظ، وقد دفعت قريش لهوازن دية عشرين قتيلا وهو العدد الزائد عن قتلاهم.

وأيام حرب فجار البراض هذه١ ستة، هي:


١ فجارات العرب أربعة:
الفجار الأول: بين كنانة وهوازن، وكان الذي هاجه أن بدر بن معشر -أحد بني عقال بن مليك من كنانة- جعل له مجلسا بسوق عكاظ، وكان حدثا منيعا في نفسه، ثم كان أن افتخر في السوق وتصدى له الأحيمر بن مازن أحد بني دهمان، ثم تحاور الحيان عند ذلك حتى كاد أن تكون بينهما الدماء ثم تراجعوا ورأوا أن الخطب يسير. =

<<  <   >  >>