للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الواقع في حركته للدعوة وهو في مكة، وجعل حركته محاطة بالسرية ليحقق ما يريد؛ ولذلك لم يوجه دعوته لعمر بن الخطاب لشدته ولم يطلب من عمه حمزة الإيمان لقوته، وإنما تركهما وأمثالهما ليتأثرا بأسلوب مناسب لهما، رغم أن الخير للدعوة كان في إيمان عمر وحمزة رضي الله عنهما.

لقد كان صلى الله عليه وسلم يدور على الناس في منازلهم ومساكنهم، ويستفيد بالمواسم والأعياد، ويقابل المفكرين والشعراء ليقنعهم بدين الله تعالى.

وكان صلى الله عليه وسلم يحتاط لدعوته ولنفسه وهو يتحرك بالإسلام، فلقد خرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف راجلا ليلا مع مولاه زيد، حتى لا يعلم أحد من قريش بوجهته، فيعملون على معاكسته١.

وعندما كان يتصل بالقبائل في مواسم الحج لطلب النصرة، كان كثيرا ما يخرج في ظلام الليل٢، ولا يعلن ذلك لأحد.

وعندما التقى عليه الصلاة والسلام بوفد الأنصار في السنة الثالثة عشرة من البعثة لمبايعته على الحماية والنصرة، اتخذ سلسلة من التدابير الأمنية حتى لا يعلم به أحد من أهل مكة.

فكان أول إجراء أمني اتخذه هو ضبط الموعد مكانا وزمانا بدقة متناهية، فكان المكان: "شعب العقبة الأيمن".

والزمان: أوسط أيام التشريق؛ حيث يكون الناس في زحمة الانشغال بتهيئة أنفسهم للعودة إلى ديارهم وأولادهم.

والوقت: نهاية الثلث الأول من الليل؛ حيث يستسلم الناس للنوم٣.

وثاني إجراء: هو الكتمان الصارم للأمر، وخروج المجتمعين مثنى وأفرادا


١ الرحيق المختوم ص١٤٨.
٢ تاريخ إسلام ج١ ص١٢٩.
٣ سيرة ابن هشام ج٢ ص٤٩.

<<  <   >  >>