للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدأ معهم بإظهار إقرارهم بصدقه ليوضح لهم أن دعوته لهم هي الحق؛ لأنه لم يعهد فيه الكذب قط.

وقد كثرت التنبيهات والتوجيهات في القرآن الكريم والحديث النبوي لالتزام الصدق في كل شيء، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} .

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة" ١، بل يصل الأمر في أهمية الصدق إلى جعله أحد الصفات الأساسية للمسلم؛ لأن الإسلام في حقيقته نبذ للأوهام، وبعد عن الباطل، وهو بذلك يتنافى مع الكذب، ومن افتراه ليس مؤمنا كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} ٢.

وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانا؟ فقال: "نعم"، فقيل: أيكون المؤمن بخيلا؟ فقال: "نعم"، فقيل له: أيكون المؤمن كذابا؟ فقال: "لا" ٣.

وإن كان هذا شأن المسلم على إطلاقه، فما بالك بالداعية الذي هو في أشد الحاجة إلى أن يتبع، وبغير الثقة في صدقه لا يكون هناك اتباع؟! ألا ترى إخوة سيدنا يوسف عليه السلام حينما احتجز أخوهم "بنيامين" عند يوسف عليه السلام ذهبوا إلى أبيهم قاصين، ومن أجل أن يثق في قولهم قالوا: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} ٤، بل إن رسل الله إلى لوط عليه السلام يقولون له: {وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} ٥، فتجدهم يظهرون صفة الصدق لمحدثهم على وجه التأكيد فيها؛ ليكون ذلك أدعى إلى السماع،


١ موطأ مالك ج٤ ص٢٢٧ - ما جاء في الصدق.
٢ سورة النحل الآية ١٠٥.
٣ موطأ مالك ج٤ ص٢٢٨ - ما جاء في الصدق والكذب.
٤ سورة يوسف الآية ٨٢.
٥ سورة الحجر الآية ٦٤.

<<  <   >  >>