للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفهّم إذا حدّثت، ما لم يجد عند أحد فيمن مضى، ولا يظن أنه يجده فيمن بقي» .

وقال له مرة أخرى: «والله إنك لتستقفي حديثي، وتقف عند مقاطع كلامي، وتخبر عنه بما كنت قد أغفلته» .

وقال أبو الحسن: قالت إمرأة لزوجها: ما لك إذا خرجت إلى اصحابك تطلّقت وتحدثت، وإذا كنت عندي تعقدّت وأطرقت؟ قال: «لأنني أجل عن دقيقك، وتدقين عن جليلي» .

وقال أبو مسهر: «ما حدثت رجلا قط إلا أعجبني حسن إصغائه، حفظ عني أم ضيع» .

وقال أبو عقيل بن درست: «نشاط القائل على قدر فهم المستمع» .

وقال أبو عباد كاتب أحمد بن ابي خالد: «للقائل على السامع ثلاث:

جمع البال، والكتمان، وبسط العذر» .

وقال أبو عباد: «إذا أنكر القائل عيني المستمع فليستفهمه عن منتهى حديثه، وعن السبب الذي أجرى ذلك القول له: فإن وجده قد أخلص له الاستماع أتم له الحديث، وإن كان لاهيا عنه حرمه حسن الحديث ونفع المؤانسة، وعرفه بفسولة «١» الاستماع، والتقصير في حق المحدث» .

وأبو عباد هذا هو الذي قال: «ما جلس بين يدي رجل قط إلا تمثل لي إني سأجلس بين يديه» .

وذكر رجل من القرشيين عبد الملك بن مروان، وعبد الملك يومئذ غلام، فقال: «إنه لآخذ بأربع، وتارك لأربع: آخذ بأحسن الحديث إذا حدث، وبأحسن الاستماع إذا حدّث، وبأيسر المئونة إذا خولف، وبأحسن البشر إذا لقي وتارك لمحادثة اللئيم، ومنازعة اللجوج، ومماراة السفيه، ومصاحبة المأفون» .

<<  <  ج: ص:  >  >>