للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأشباه، وقس الأمور عند ذلك، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله، وأشبهها بالحق فيما ترى. واجعل للمدعي حقا غائبا أو بينة، أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينته أخذت له بحقه، وإلا وجهت عله القضاء، فإن ذلك انفى للشك، وأجلى للعمى، وابلغ في العذر. المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلودا في حد، أو مجربا عليه شهادة زور، أو ظنينا في ولاء أو قرابة، فإن الله قد تولى منكم السرائر ودرأ عنكم الشبهات. ثم إياك والقلق والضجر، والتأذي بالناس، والتنكر للخصوم في مواطن الحق، التي يوجب الله بها الأجر، ويحسن بها الذخر، فإنه من يخلص نيته فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى، ولو على نفسه، يكفه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بما يعلم الله منه خلاف ذلك هتك الله ستره، وأبدى فعله. فما ظنك بثواب غير الله في عاجل رزقه، وخزائن رحمته. والسلام عليك.

[أول]

[خطبة لعلي بن ابي طالب (ر)]

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: أول خطبة خطبها علي بن ابي طالب رحمه الله أنه قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلّى على نبيه:

أما بعد فلا يرعينّ مرع إلا على نفسه «١» ، فإن من أرعى على غير نفسه شغل عن الجنة والنار أمامه. ساع مجتهد ينجو، وطالب يرجو، ومقصر في النار. ثلاثة، واثنان: ملك طار بجناحيه، ونبي أخذ الله بيديه، ولا سادس.

هلك من ادعى، وردي من اقتحم، فإن اليمين والشمال مضلة، والوسطى الجادة، منهج عليه باقي الكتاب والسنة، وآثار النبوة. إن الله داوى هذه الأمة بدواءين: السيف والسوط، فلا هوادة عند الأمام فيهما، استتروا ببيوتكم وأصلحوا فيما بينكم، والتوبة من ورائكم. من أبدى صفحته للحق هلك. قد كانت لكم أمور ملتم علي فيها ميلة لم تكونوا عندي فيها بمحمودين ولا مصيبين. أما إني لو أشاء لقلت عفا الله عما سلف. سبق الرجلان وقام الثالث، كالغراب همّته بطنه، يا ويحه، لو قصّ جناحاه وقطع رأسه لكان خيرا

<<  <  ج: ص:  >  >>