للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله غفور رحيم: فقال أعرابي لا يكون.

قال: ودخل على المهدي صالح بن عبد الجليل، فسأله أن يأذن له في الكلام، فقال: تكلم. فقال: إنا لما سهل علينا ما توعّر على غيرنا من الوصول إليك قمنا مقام الأداء عنهم وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بإظهار ما في أعناقنا من فريضة الأمر والنهي، عند إنقطاع عذر الكتمان في التقية، ولا سيما حين اتسمت بميسم التواضع، ووعدت الله وحملة كتابه إيثار الحقّ على ما سواه.

فجمعنا وإياك مشهد من مشاهد التمحيص، ليتم مؤدبنا على موعود الأداء عنهم، وقابلنا على موعود القبول، أو يردنا تمحيص الله إيانا في اختلاف السر والعلانية، ويحلينا تحلية الكاذبين، فقد كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقولون: من حجب الله عنه العلم عذّبه على الجهل، وأشد منه عذابا من أقبل عليه العلم وأدبر عنه. ومن أهدى الله إليه علما فلم يعمل فقد رغب عن هدية الله وقصر بها. فاقبل ما أهدى الله إليك على ألسنتنا قبول تحقيق وعمل لا قبولا فيه سمعة ورياء، فإنه لا يعدمك منا إعلام بما تجهل، أو مواطأة على ما تعلم، أو تذكير لك من غفلة. فقد وطن الله جل وعز، نبيه عليه السلام على نزولها تغزية عما فات، وتحصينا من التمادي، ودلالة على المخرج، فقال: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

. فأطلع الله على قلبك بما ينوّر به القلوب، من إيثار الحق ومنابذة الأهواء، فإنك إن لم تفعل ذلك ير أثرك وأثر الله عليك فيه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال: ودخل رجل على معاوية، وقد سقطت أسنانه، فقال: يا أمير المؤمنين، إن الأعضاء يرث بعضها بعضا. فالحمد لله الذي جعلك وارثها ولم يجعلها وارثتك.

وحدثنا اسماعيل بن عليّة قال: حدثنا زياد بن أبي حسان، أنه شهد عمر ابن عبد العزيز رحمه الله حين دفن ابنه عبد الملك، فلما سوي عليه قبره

<<  <  ج: ص:  >  >>