للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بابُ بَيانِ ما يُباحُ مِن الغِيبَة:

١٧٣٤- اعلم أنَّ الغيبةَ، وإن كانت محرّمة، فإنها تباحُ في أحوالٍ للمصلحة. والمجوزُ لهَا غرضٌ صحيحٌ شرعيٌ لا يُمكنُ الوصولُ إليه إلا بها، وهُو أحدُ ستةِ أسبابٍ:

الأولُ: التظلمُ، فيجوزُ للمظلوم أن يتظلَّم إلى السلطانِ والقاضي وغيرهما ممّن له ولايةٌ أو له قدرةٌ على إنصافهِ من ظالمهِ، فيذكرُ أن فُلانًا ظلمني، وفعل بي كذا، وأخذ لي كذا، ونحو ذلك.

الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر، وردّ العاصي إلى الصواب، فيقولُ لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فُلانٌ يعملُ كذا فأزجرهُ عنهُ، ونحو ذلك؛ ويكونُ مقصودهُ التوسل١ إلى إزالة المنكرِ، فإن لم يقصد ذلك كان حراماً.

الثالث: الاستفتاء، بأن يقولَ للمفتي: ظلمني أبي أو أخي أو فلانٌ بكذا، فهل له ذلك أم لا؟ وما طريقي في الخلاص منهُ وتحصيل حقّي، ودفع الظلم عني، ونحو ذلك؟ وكذلك قولهُ: زوجتي تفعلُ معي كذا، أو زوجي يفعلُ كذا، ونحو ذلك؛ فهذا جائزٌ للحاجةِ، ولكن الأحوط أن يقول: ما تقولُ في رجل كان من أمره كذا أو كذا، أو في زوج أو زوجةٍ تفعل كذا أو نحو ذلك، فإنه يحصلُ به الغرضُ من غير تعيين، ومع ذلك فالتعيينُ جائزٌ، لحديث هندٍ الذي سنذكره إن شاء الله تعالى، [برقم: ١٧٣٩] وقولُها: يا رسول الله! إن أبا سفيانَ رجلٌ شحيحٌ.. الحديث، ولم ينهها رسول الله صلى الله عليه وسلم.


١ كذا في بعض النسخ: "التوسل" بالسين، وفي بعضها الآخر وفي "رياض الصالحين": ٥٢٦ التوصل بالصاد.

<<  <   >  >>