للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بابٌ في النميمة:

١٧٥٩- قد ذكرنا تَحْرِيمها ودلائلَها وما جاء في الوعيد عليها، وذكرنَا بيانَ حقيقتها، ولكنه مختصرٌ، ونزيدُ الآن في شرحه.

قال الإِمام أبو حامد الغزالي رحمه الله ["الإحياء": ٣/ ١٥٦] : النميمةُ إنما تطلقُ في الغالب على مَن يَنمُّ قولَ الغير إلى المقول فيه، كقوله: فلانٌ يقولُ فيك كذا، وليست النميمةُ مخصوصةً بذلك، بل حدّها كشفُ ما يُكرهُ كشفهُ، سواءٌ كرههُ المنقولُ عنهُ، أو المنقولُ إليه، أو ثالثٌ؛ وسواءٌ كان الكشفُ بالقولِ، أو الكتابة، أو الرمز، أو الإِيماء، أو نحوها؛ وسواءٌ كان المنقولُ من الأقوال أو الأعمال، وسواءٌ كان عيباً أو غيرهُ، فحقيقةُ النميمة إفشاءُ السرّ، وهتكُ السترِ عمّا يكرهُ كشفهُ، وينبغي للإِنسان أن يسكتَ عن كلِّ ما رآهُ من أحوالِ الناس، إلا ما في حكايتهِ فائدةٌ لمسلمٍ، أو دفعُ معصيةٍ؛ وإذا رآهُ يُخفي مالَ نفسهِ فذكرهُ، فهو نميمة، قال: وكلُ مَنْ حُمِلت إليه نميمةٌ، وقيل لهُ: قال فيك فلانٌ كذا؛ لزمهُ ستةُ أمورٍ.

الأول: ألا يصدقهُ؛ لأن النَّمامَ فاسقٌ، وهو مردود الخبر.

الثاني: أن ينهاهُ عن ذلك وينصحهُ ويقبّح فعلهُ.

الثالث: أن يبغضَه في الله تعالى، فإنه بغيض عند الله تعالى، والبغضُ في الله تعالى واجب.

الرابع: ألا يظنّ بالمنقول عنه السوء، لقول الله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} [الحجرات: ١٢] .

الخامس: ألا يحملَك ما حُكي لك على التجسس والبحث عن تحقيق ذلك، قال الله تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُواْ} [الحجرات: ١٢] .

<<  <   >  >>