للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوائد، متماثلة، متوالية. وهذا لا يقع -غالبا- في لغتنا إلا سماعا. فوجب حذف "نون الرفع" لوجود قرينة تدل عليها؛ "هي: "أن: المضارع من الأفعال الخمسة، ولم يسبقه ناصب أو جازم؛ فوجب أن يكون مرفوعا بثبوت النون. فإن لم تكن مذكورة، فلا بد أن تكون محذوفة لعلة والمحذوف لعلة كالثابت". ولا يصح هنا حذف نون التوكيد الثقيلة، أو تخفيفها؛ لأن الحذف أو التخفيف ينافي الغرض البلاغي من الإتيان بها، ومن تشديدها١. فصار الكلام بعد الحذف: تفهمان، ثم كسرت نون التوكيد المشددة، مراعاة للمأثور عن العرب في هذا الموضع؛ حيث يلزمونها التشديد والبناء على الكسر.

وعند الإعراب يقال في "تفهما"، فعل مضارع مرفوع بالنون المحذوفة لتوالي النونات "وألف" ضمير فاعل، و"نون التوكيد" المشددة حرف مبني على الكسر، لا محل له من الإعراب. وإن شئت قلت: "تفهما": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وحذف لتوالي النونات، والألف ضمير: فاعل، والنون المذكورة حرف للتوكيد ...

فالصورة النهائية بعد إجراء التغيرات السالفة هي: "أتفهمان"، بتشديد نون التوكيد وجوبا بعد ألف الاثنين، وحذف نون الرفع. ولا مانع هنا من التقاء "ألف الاثنين" ساكنة مع النون الأولى الساكنة من نون التوكيد المشددة؛ لأن التقاء الساكنين هنا جائز كما أوضحنا من قبل٢.

٢- ونقول عند إسناده لواو الجماعة من غير توكيد: أأنتم تفهمون؟ "فالمضارع مرفوع بثبوت النون؛ واوا وضمير فاعل". ونقول عند توكيده بالنون المشددة وقبل التغيرات: أأنتم تفهمونن؟ بثلاث نونات، تحذف نون الرفع -لتوالي ثلاثة أحرف في الآخر، وهي زوائد، ومن نوع واحد- فيصير الكلام:


١ وطبقا لما جرى عليه أكثر العرب. والخفيفة لا تقع هنا -كما سبق.
٢ وفي رقم ٢ من هامش ص١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>