للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدال على أن هذا الاسم المعرب أمكن١ وأقوى درجة في الاسمية من غيره. ويسمى أيضا: "تنوين الصرف"٢ وبهذا الاسم يشتهر عند أكثر النحاة٣. ووجوده في الاسم المعرب يفيده خفة في النطق، فوق الدلالة على الأمكنية.

وإذا ذكرت كلمة "التنوين" خالية من التقييد الذي يبين نوعه كان المقصود: "تنوين الأمكنية"، أي: "الصرف". ومن أمثلة الأسماء المشتملة عليه، أو التي تستحقه لولا الطارئ المعارض ما جاء في قول شوقي:

إنما الشرق منزل لم يفرق ... أهله إن تفرقت أصقاعه

وطن واحد على٤ الشمس، والفصـ ... حي، وفي الدمع والجراح اجتماعه

وإنما كان وجود هذا التنوين دليلا على "الأمكنية" لأن انضمامه إلى "الإعراب" في اسم واحد جعل هذا الاسم مشتملا على علامتين بدلا من واحدة، يبعدانه كل البعد عن الحروف وعن الأفعال؛ هما: "التنوين"، و"الإعراب"؛


١ "أمكن"، أفعل تفضيل من الفعل الثلاثي: "سكن مكانة"، إذا بلغ الغاية في التمكن، ومن هنا جاء تنوين الأمكنية. ولا يصح أن يكون من الفعل: "تمكن" لأن هذا غير ثلاثي لا يجيء فيه "أفعل" مباشرة.
٢ من معاني "الصرف" في اللغة: "التصويت -اللبن الخالص- الانصراف عن شيء إلى آخر ... " ومن أحد هذه المعاني أخذ "الصرف النحوي". فالتنوين تصويت في آخر الاسم المنصرف -أو الاسم المنصرف خالص من مشابهة الحرف والفعل؛ أو منصرف عن طريقهما إلى غيره؛ إلى طريق الاسمية المحضة. ويعبر بعض القدماء -كما سبق في هامش الصفحة الماضية- عن "الصرف"، و"منع الصرف" ... بالإجراء، وعدم الإجراء.
٣ وفي هذا يقول ابن مالك في أول الباب الذي عقده بعنوان: "ما لا ينصرف": -وسنذكر على يسار كل بيت رقم ترتيبه في بابه:
الصرف: تنوين أتى مبينا ... معنى به يكون الاسم أمكنا-١
وبعض النحاة يسمى التنوين كله: "صرفا".
٤ يصلح الحرف "على" هنا أن يكون معناه: التعليل، أي: بيان العلة والسبب. "اعتمادا على ما سبق بيانه من معاني الحرف الجار "على" ج٢ م٩٠ ص٧٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>