للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة ١٥٦]

النوع الثالث الذي يقع الخلاف في اعتباره جازما:

وأظهر أدواته ثلاث؛ هي: "إذا١، كيف، لو ... " ولم يقتصر الخلاف على أنها تجزم، أو لا تجزم؛ وإنما امتد إلى ميدان جزمها؛ أهو النثر والشعر أم الشعر فقط؟ وإلى شروط جزمها ... وصفوة كلامهم ما يلي:

إذا: ظرف زمان مستقبل٢ وهي شرطية في أكثر استعمالاتها، ولكن


١ سبق بيان موجز عن معناها في رقم ٦ من ص٤٣١. أما البيان الكامل عنها فموضوعه مدون في رقم ٥ من هامش تلك الصفحة، ولبعض أنواعه بيان في ج٣ م٩٤ ص٩٢ -باب: الإضافة.
٢ يفضل المحققون هذا التعبير، على التعبير الشائع؛ وهو: "ظرف لما يستقبل من الزمان"؛ لما يوهمه التعبير الشائع من أن "إذا" ظرف زمان، ومظروفه هو ما يستقبل من الزمان، فالظرف والمظروف شيء واحد، وهذا لا يكون. ثم قالوا: إن التعبير الشائع قد يقبل إما على اعتبار اللام زائدة وإما على اعتبارها مع مجرورها متعلقين بكون خاص محذوف -وحذف الكون الخاص قليل- والتقدير: ظرف موضوع لما يستقبل من الزمان ... أما التعبير الأول فلا حذف فيه ولا تقدير ...
"راجع المغني في الكلام على: إذا".
ودلالة: "إذا" على الشرطية غريب عند النحاة؛ لأن "إذا" ظرف زمان مستقبل، والزمان المستقبل لا بد أن يجيء ويتحقق معه ما يقع فيه من أحداث. وكل هذا مقطوع به. مع أن الشرط المقتضي للجزم لا يكون في أمور محققة الوقوع، وإنما يكون فيما يحتمل الوقوع وعدمه. ومن أجل ذلك رفض أكثر النحاة الجزم بها مطلقا "أي: في النثر، وفي الشعر" وحجته -على قوتها- مدفعوة بالنصوص الصريحة المأثورة التي وردت فيها جازمة. لكنها نصوص نادرة لا تكفي للمحاكاة والقياس، وبعضها لا يساير إلا لغات ضعيفة، فمن الخير الأخذ بالرأي الذي يبيح أن تجزم في الشعر وحده؛ لا لأن النصوص الشعرية المجزومة بها كثيرة تكفي للمحاكاة والقياس، ولكن لأن الشعر محل التساهل في مثل هذا، ويباح فيه ما لا يباح في النثر فيمنح الشاعر هذه الرخصة؛ ليستخدمها متى شاء، ولو لم مضطرا لاستخدامها. جاء في "مجالس ثعلب -ج٢ ص٩١ من القسم الأول- ما نصه:
قولك: إذا تزرني أزرك -يجوز في الشعر. وأنشد:
وإذا نطاوع أمر سادتنا ... لا يثننا بخل ولا جبن
ا. هـ.
والمضارع: "يثني" مجزوم بحذف الياء من آخره؛ لأنه جواب "إذا".
وإذا كانت ظرفا جازما فهل تكون مضافة؟ وما العامل فيها؟ رأيان. فالقائل بإضافتها للجملة الشرطية بعدها يرى العامل فيها هو الجواب -كالشائع الآن- والقائل بامتناع إضافتها للجملة الشرطية بعدها يرى =

<<  <  ج: ص:  >  >>