للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- وجوب الإتيان بتمييز لها يكون مفردا مجرورا، أو جمعا مجرورا١، بشرط أن يكون في الحالتين غير مفصول منها بشيء، والأفصح إفراده، ولكن الجمع صحيح غير شاذ. ومن الأمثلة قول الشاعر:

فكم نزهة فيك للحاضرين! ... وكم راحة فيك للأنفس!

وقول الناثر: الأريب لا يخدع بالمظهر الزائف؛ فكم رجال حسنت مناظرهم وساءت مخابرهم! وكم رجال اقتحمتهم العيون وفي أثوابهم أبطال عظام! ... فإن فصل التمييز منها، وكان مفصولا بجملة وجب نصبه ولا يجوز جره إلا في ضرورة الشعر، أو حين تكون الجملة فعلية فعلها متعد، لم يستوف مفعوله؛ -كم سيجيء هنا؛ نحو: ما أنفس نصائح الحكماء، وأغلى أقوالهم؛ فكم أرشدنا منهم -نصحا! وكم صاننا منهم- قولا!. وقول الآخر في مدح قوم:

كم نالني منهمو فضلا على عدم ... إذ لا أكاد من الإقتار٢ أجتمل٣

"وفاعل الفعل في الأمثلة السابقة ضمير يعود على "كم" ومفعوله الضمير ويجوز جعل التمييز فاعلا بعد رفعه"٤.


١ والجر في الحالتين لأنه مضاف إليه، و"كم" هي المضاف. ويصح أن يكون الجر "بمن" المقدرة. ويجوز -دائما- إظهار "من". وإذا كان مجرورا بمن فالجار والمجرور متعلقان بكم، -كما سبق في رقم ٤ من ص٥٧٠- ومن الأمثلة قوله تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} ، ومثل قول الشاعر:
بليت -وفقدان الحبيب بلية- ... وكم من كريم يبتلى ثم يصبر
وتمييزها في كل أحواله نوع من تمييز الذات "لا النسبة" لأنه نوع من تمييز العدد، بالرغم من أنها خبرية.
٢ الفقر.
٣ اجتمل الرجل الشحم: أذابه.
٤ ومنه قول الشاعر حافظ إبراهيم:
أرى لرجال الغرب عزا ومنعة ... وكم عز أقوام بعز لغات
وفي "كم" الخبرية يقتصر ابن مالك على بيت واحد، يبين فيه معناها، وأن تمييزها يكون كتمييز العدد: "عشرة"، أي: جمعا مجرورا، أو كتمييز المائة يكون مفردا مجرورا "وهذا هو الأوضح والأكثر، والأول ليس بشاذ" يقول:
واستعملنها مخبرا كعشره ... أو مائة، ككم رجال، و: مره

<<  <  ج: ص:  >  >>