للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة والخمسون: لام الابتداء ١، فائدتها، مواضعها

حين نقول: أصل الماس فحم، أو: بعض الحيوانات بَرِّىٌّ بحْرِىٌّ - قد يشك السامع فى صدق الكلام، أوينكره؛ فنلجأ إلى الوسائل التى ترشد إليها اللغة لتقوية معنى الجملة، وتأكيد مضمونها، وإزالة الشك عنها أوالإنكار. ومن هذه الوسائل تكرار الجملة. لكن التكرار قد تَنفرُ منه النفس أحياناً. فنعدلُ عنه إلى وسائل تكرار الجملة. لكن التكرار قد تَنفرُ منه النفس أحياناً. فنعدلُ عنه إلى وسائل أخرى لها مزية التكرار فى تأكيد معنى الجملة، كالقسم، أو: "إنّ" فنقول: والله أصل الماس فحم. إن بعض الحيوانات برّى بحْرىّ. أو: لام الابتداء وتدخل على المبتدأ كثيراً "ولهذا سميت: لام الابتداء"، نحو: لرجلٌ فقير يعمل، أنفعُ لبلاده من غنى لا يعمل. ليدٌ كاسبةٌ خيرٌ من يد عاطلة. وتدخل على غيره، كخبر "إنّ"، نحو: إنّ أبطال السلام لخير من أبطال الحرب. وهكذا باقى الوسائل التى تؤكد مضمون الجملة، وتقوى معناها.

وهذه اللام مفتوحة، وفائدتها: توكيد مضمون الجملة المثبتة، وإزالة الشك عن معناها المثبت؛ ولذلك لا تدخل على حرف النفي، ولا فعل النفي، ولا على المنفي بأحدهما، ولكنها تدخل على الاسم المفيد لمعنى النفي. مثل: إن المنافق لغير مأمون الصداقة وسميت: "لام الابتداء" لأن أكثر دخولها على المبتدأ أو على ما أصله المبتدأ، نحو: لوالدك أشفق الناس عليك، وإن عنده لخبرة ليست لك، فاستعن برأيه.

وإذا دخلت هذه اللام على الخبر فقد يسميها بعض النحاة: "اللام المزحلقة٢".

أما آثارها النحوية فأشهرها: الصدارة في جملتها- غالبا- وأنها إذا دخلت على


١ سبقت الإشارة إليها في رقم ٢٢ من ص ٤٩٠ ولم تعرض هناك ولم تعرض هناك لآثارها وأحكامها الهامة، محاراة الكثير من النحاة أثروا أن يكون تفصيل ذلك كله هنا.
٢ يقولون في سبب التسمية: إن مكانها في الأصل الصدارة في الجملة الاسمية. فلما شغل المكان بكلمة: "إن" وهي التي لها الصدارة أيضا، كلام الابتداء والتي تفيد التوكيد مثلها، والتي تمتاز بأنهاعاملة - تقدمت، وزحلقت اللام من مكانها الذي تكثر فيه إلى مكان بعده - في الغالب - هو الخبر. لكن السبب الحق هو استعمال العرب. لهذا إشارة في رقم ٢ من هامش ص ٦٥١ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>