للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة ٦٧: النائب عن الفاعل ١

من الدواعي٢ ما يقتضي حذف الفاعل دون فعله، ويترتب على حذفه أمران محتومان؛ أحدهما: تغيير يطرأ على فعله٣، والآخر: إقامة نائب عنه يحل محله، ويجري عليه كثير من أحكامه التي أسلفناها٤؛ كأن يصير جزءًا أساسيًا في الجملة؛ لا يمكن الاستغناء عنه، ويرفع مثله؛ وكتأخره عن عامله٥، وتأنيث عامله له أحيانًا، وتجرد العامل من علامة تثنية أو جمع؛ وكعدم


١ يسميه كثير من القدماء: المفعول الذي لم يسم فاعله، والأول أحسن؛ لأنه أخصر؛ ولأن النائب عن الفاعل قد يكون مفعولًا به في أصله وغير مفعول به؛ كالمصدر، والظرف، والجار مع مجروره -كما سيجيء في ص ١١٣ م ٦٨.
هذا، والذي يحتاج لنائب فاعل ويرفعه شيئان، أحدهما: "الفعل المبني للمجهول"، وقد يسمى أيضًا: "الفعل المبني للمفعول"، والتسمية الأولى أحسن -طبقا لما سبق في رقم ١- والآخر: "اسم المفعول"؛ فلا بد لكل منهما من نائب فاعل، ويزاد عليها المصدر المؤول في رأي سيجيء في "ب" من ص ١١٠، أما اسم المفعول، وأحكامه، وكل ما يتعلق به، فله باب خاص مستقل في الجزء الثالث.
٢ بعضها لفظي؛ كالرغبة في الاختصار في مثل: لما فاز السابق كوفي، أي: كافأت الحكومة السباق، مثلا ... وكالمماثلة بين حركات الحروف الأخيرة في السجع؛ نحو: من حسن عمله عرف فضله، فلو قيل: عرف الناس فضله، لتغيرت حركة اللام الثانية، ولم تكن مماثلة للأولى، وكالضرورة الشعرية ...
وبعضها معنوي؛ كالجهل بالفاعل، وكالخوف منه، أو عليه ... "ومما يصلح لكل واحد من الثلاثة قولنا: قتل فلان، من غير ذكر اسم القاتل" وكإبهامه، أو تعظيمه بعدم ذكر اسمه على الألسنة صيانة له، أو تحقيره بإهماله، وكعدم تعلق الغرض بذكره، حين يكون الغرض المهم هو الفعل، وكشيوعه ومعرفته في مثل: جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ... أي: جبلها الله وخلقها.
٣ ولا بد أن يكون فعله غير جامد، وغير أمر -كما سيجيء في رقم ٨ من ص ١٠٧.
٤ في ص ٦٨.
٥ يرى بعض النحاة أنه يجوز تقديم نائب الفاعل إذا كان شبه جملة؛ لأن علة منع التقديم -وهي خوف التباس الجملة الاسمية بالفعلية- غير موجودة هنا " راجع الصبان ج ٣ باب، "أفعل التفضيل" عند قول ابن مالك: "وما به إلى تعجب وصل ... "، ولهذا إشارة في رقم ٢ من هامش ص ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>