للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة ٧٤: المفعول المطلق]

[مدخل]

...

المسألة ٧٤: المفعول المطلق ١

معناه:

الفعل -بعد إدخاله في جملة- يدل على أمرين معًا؛ أحدهما: "المعنى المجرد"٢، ويسمى: "الحدث"، والآخر: "الزمان"، ففي مثل: "رجع المجاهد؛ فأسرع الناس لاستقباله، وفرحوا بقدومه ... نجد ثلاثة أفعال، هي: رجع - أسرع - فرح"، وكل فعل منها يدل بنفسه مباشرة؛ أي: من غير حاجة إلى كلمة أخرى، - على أمرين معًا.

أولهما: معنى محض نفهمه بالعقل؛ هو: الرجوع - الإسراع - الفرح ... وهذا المعنى المجرد هو ما يسمى أيضًا: "الحدث".

وثانيهما: زمن وقع فيه ذلك المعنى المجرد "الحدث"، وانتهى قبل النطق بالفعل؛ فهو زمن قد فات، وانقضى قبل الكلام، وهذا الفعل يسمى: "الفعل الماضي".

ولو غيرنا صيغة الفعل؛ فقلنا: "يرجع المجاهد؛ فيسرع الناس لاستقباله، ويفرحون بقدومه" - لظل كل فعل بعد التغيير دالًا على الأمرين معًا؛ وهما: "المعنى المجرد، والزمن"، ولكن الزمن هنا صالح للحال والاستقبال، ويسمى الفعل في هذه الصورة الجديدة: "الفعل المضارع".


١ المطلق، أي: الذي ليس مقيدًا تقييد باقي المفاعيل بذكر شيء بعده، كحرف جر مع مجروره، أو غيره من القيود؛ كالمفعول به - المفعول لأجله - المفعول معه ...
ويقولون في سبب إطلاقه: إنه المفعول الحقيقي لفاعل الفعل؛ إذ لا يوجد من الفاعل إلا ذلك الحدث؛ نحو: قام المريض قيامًا؛ فالمريض قد أوجد القيام بنفسه، وأحدثه حقًا بعد أن لم يكن؛ بخلاف باقي المفعولات فإنه لم يوجدها، وإنما سميت باسمها باعتبار إلصاق الفعل بها، أو وقوعه لأجلها، أو معها، أو فيها؛ فلذلك لا تسمى مفعولًا إلا مقيدة بشيء بعدها.
هذا، وقد لازمته كلمة: "المطلق" حتى صارت قيدًا.
٢ أي: العقلي المحض الذي لا يقع تحت إحدى الحواس؛ إذ لا كيان ولا وجود له إلا في العقل؛ فهو صورة عقلية بحتة؛ فلا يقوم بنفسه، وإنما يقوم بغيره، ولا يدل على صاحبه الذي يقوم به، ولا على إفراد ولا تثنيه، ولا جمع، ولا تذكير، ولا تأنيث، هذا هو المراد من "التجريد البحت".

<<  <  ج: ص:  >  >>