للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتبيّن الغضب في وجه هشام واحتملها. وكان إذا ذكر هشام قال: ابن الحمقاء.

فسمعها رجل من أهل الشام فقال لهشام: إنّ هذا البطر الأشر الكافر لنعمتك ونعمة أبيك يذكرك بأسوأ الذكر، قال: ماذا يقول؟ لعلّه يقول الأحول، قال:

لا والله ولكن يقول ما لا تلتقي به الشفتان، قال لعلّه قال: ابن الحمقاء؟ فأمسك الشاميّ فقال: قد بلغني كلّ ذلك عنه.

وكان خالد يقول: والله ما إمارة العراق مما يشرّفني، فبلغ ذلك هشاما فغاظه فكتب إليه: بلغني أنك يا ابن النصرانية تقول: ما إمارة العراق مما يشرفك، وأنت دعيّ إلى بجيلة القليلة الذليلة. أم والله إني لأظنّ أنّ أوّل ما يأتيك ضغن من قيس فيشدّ يدك إلى عنقك.

قال خالد بن صفوان بن الأهتم: لم تزل أفعال خالد حتى عزله هشام وعذّبه وقتل ابنه يزيد بن خالد، فرأيت في رجله شريطا قد شدّ به، والصبيان يجرّونه، فدخلت إلى هشام يوما فحدّثته فأطلت، فتنفس وقال: يا خالد، ربّ خالد كان أحبّ إليّ قربا وألذّ عندي حديثا منك، يعني خالدا القسري، فانتهزتها ورجوت أن أشفع له فتكون لي عند خالد يدا، فقلت: يا أمير المؤمنين ما يمنعك من استئناف الصنيعة عنده، فقد أدّبته بما فرط منه. فقال: هيهات إنّ خالدا أوجف فأعجف، وأدلّ فأملّ، وأفرط في الإساءة فأفرطنا في المكافأة، فحلم الأديم، ونغل الجرح، وبلغ السيل الزبى والحزام الطّبيين، ولم يبق فيه مستصلح، ولا للصنيعة عنده موضع؛ عد إلى حديثك [١] .

٢٦٤- جلس الأحنف مع مصعب بن الزبير على السرير، فمدّ مصعب رجله، فنحاه الأحنف ثم قال: العجب لمن يتعظّم وقد خرج من مخرج البول مرتين.


[١] الأغاني: عد إلى ما كنت فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>