للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«١٠١٤» - أوصى العباس بن محمد معلّم ولده فقال: قد كفيتك أعراقهم فاكفني آدابهم. لا أوتينّ فيهم منك فانك لم تؤت فيهم منّي: اغذهم بالحكمة فانها ربيع القلوب، وعلّمهم النسب والخبر فانه علم الملوك، وأيّدهم بكتاب الله تعالى فانه قد خصّهم ذكره، وعمّهم رشده [١] . وكفى بالمرء جهلا أن يجهل فضلا عنه أخذ. وخذهم بالإعراب فانه مدرجة البيان، وفقّههم في الحلال والحرام فانه حارس من أن يظلموا ومانع من أن يظلموا.

«١٠١٥» - وقال الرشيد وقد سمع أولاده يتعاطون الغريب في محاورتهم، ويجنحون إلى الغليظ من الكلام: لا تحملوا ألسنتكم على وحشيّ الكلام، ولا تعوّدوها المستشنع ولا المتصنّع، فان العادة ألزم من الطّبع. واعتمدوا سهولة الكلام من غير استكراه ولا مؤونة تكلّف. سيد الكلام ما ارتفع عن طبقة العامّة، وانخفض عن درجة المتشدّقين، وخالف سبل المغرقين. فليكن كلامكم قصدا وألفاظكم عددا، فان الاكثار يمحق [٢] البيان، ومن قبله تحدث الآفة على اللسان. وتحاموا الأنس بالسلطان، وكلّما رفع دونكم سترا من الحشمة فاحتجبوا عنه بستر من الإعظام، وكونوا اشدّ ما يكون لكم بسطا أشدّ ما تكونون له هيبة. ثم تمثّل بأبيات الخطفى جدّ جرير: [من الطويل]


[١] م: شكره.
[٢] م: يمحو.

<<  <  ج: ص:  >  >>