للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واخترع [١] المصنوعات بغير [٢] قياس اتّبعه ولا دليل، وأقام شواهد البيّنات على وحدانيّته، ومعجزات البراهين على عجائب حكمته، ما أيقنت معه العقول والبصائر، وشهدت له القلوب العارفة والضمائر، أنّه لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولا شارك في ملكه أحدا، ولا ولد فيكون مولودا، ولا ولد فيكون محدودا، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوّا كبيرا.

والحمد لله الذي اختار محمدا من أشرف العرب منصبا، وأكرمها أمّا وأبا، وبعثه بالبرهان الساطع، والحقّ الصادع، والحجج الواضحة، والخلائق الصالحة، والناس في مجاهل الضلالة حائرون، وعن مناهج الهدى جائرون، على حين فترة من الرسل، واشتباه من السبل، وتفرّق من الملل، واستمرار من الزيغ والزلل، فلم يزل الأمر به مبلّغا، وبجهده في إمحاض النصيحة للأمة مستفرغا، حتى طمس معالم الباطل، ودفع عن وعد الصلاح ليّ الماطل، وأضحى الاسلام مرفوعا رايته، بعيدة غايته، منتشرة في الآفاق دعوته، مؤيّدة بالنصر المبين كلمته، وأنجز الله تعالى له ما وعد في إعلاء دينه على الدين كلّه وإظهاره، وإعزاز أشياعه وأنصاره، ونسخ الملل السالفة بملّته التي ختم بها الأديان، وأنزل عليه الكتاب المبشّر لمّتبعها بما فيه من الهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون. فصلّى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاة تزلف محلّه، وتوازي شرفه وفضله، ما طرف طرف النهار بسدفة العشيّ، وصرف صرف المكروه بلطف الله الخفيّ.

والحمد لله على أن حاز لأمير المؤمنين من شرف الخلافة ميراث آبائه، وصرف إليه منها ما هو أحقّ بارتداء ردائه، وبوّأه من الامامة العظيمة متبوأ [٣] تخرّ الجباه سجّدا لجلاله، وتنسب مفاخر الدين والدنيا إلى جماله؛ وأطلع


[١] م: وضع.
[٢] م: من غير.
[٣] م: مبوأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>