للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأحكام المروّة من أن يهدى إليها، وأحرص على عمارة سبل الفتوّة من أن يحضّ عليها، وقديما حملت أوزار السكر على ظهور الخمر، وطوي بساط الشراب على ما فيه من خطإ وصواب، واستعفيت السقاة غير دفعة فأبوا إلا إلحاحا [١] عليّ، وإتراعا إليّ، وكرهت الامتناع خشية أن أوقع الكساد في سوق الأنس، وتفاديا من أن يعقد عليّ خنصر الثّقل. فلما بلغت الحدّ الذي يوجب الحدّ، بدر مني ما يبدر ممّن لا يصحبه لبّه، ولا يساعده عقله وقلبه، ولا غرو فموالاة الأرطال، تدع الشيوخ كالأطفال. فإن رأى قبول عذري، في ما جناه سكري، وأن يهب لي جرمي لمعرفته بنيّتي في صحوي، وإن أبى إلّا معاقبتي جعلها قسمين بين المدام وبيني، فعل، إن شاء الله.

٣٣٩- واعتذر كاتب من مكاتبة بعض إخوانه في ظهر فقال:

[من البسيط]

العذر في الظهر عند الحرّ منبسط ... إذ رأى سطوات الدهر بالنّعم

وما أضنّ بخدّي لو جرى قلمي ... عليه طرسا ولو أنّ المداد دمي

[المأمون والاعتذار]

«٣٤٠» - عتب المأمون على إسحاق بن إبراهيم الموصليّ في شيء فكتب إليه رقعة وأوصلها إليه من يده، ففتحها المأمون فإذا فيها: [من البسيط]

لا شيء أعظم من جرمي سوى أملي ... بحسن عفوك عن جرمي وعن زللي

فإن يكن ذا وذا في القدر قد عظما ... فأنت أعظم من جرمي ومن أملي

فضحك وقال: يا إسحاق، عذرك أعلى قدرا من جرمك، وما جال


[١] م: لجاجا.

<<  <  ج: ص:  >  >>