للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب لابن نصر]

٤١٧- كتب ابن نصر تهنئة لوزير: إنما التهنئة- أطال الله بقاء الوزير- لمن يترقى المنازل [١] ، ويتسنّم ذروة الفضائل، فيخصّ بها لما استفاده من الكسب الطارف، واستجدّه من العزّ الآنف، وحازه من النّسب الذي عزي له وكان غريبا منه، وقدّم إليه وكان بعيدا عنه. فأما الذي تصعد المناقب إلى علائه، وتعرج الرّتب إلى سمائه، وتعلق منه الرياسة بسبب، وتجتمع معه السيادة في نسب، فالتهنئة للكافّة لما تيسّر لها من ولايته، وتسهّل من رياسته عليها وإيالته التي [بها] تبلغ الآمال، وفيها تمرع الأحوال، وعليها يرفرف الإقبال. فهنأ الله الفضل وذويه، والزمان ومن فيه، بما اختاره لهم من نظر الوزير في أمورهم، وتملّكه أزمّة تدبيرهم، وجعل التوفيق لأفعاله مصاحبا، ولعزائمه مواكبا، وبإيجابه موكولا، وبتمام أغراضه كفيلا، فلا يحاول أمرا بعيدا مناله إلّا دنا وأقبل، ولا مطلبا صعبا قياده إلّا استجاب وتذلّل، ولا إرادة إلّا أكثبت، ولا مشيئة إلّا نفذت، وخصّنا معاشر أوليائه، والمعرقين في نسب ولائه، بإدامة أيامه، وملاحظة إنعامه، والمزيد من شرف اهتمامه، ومدّ علينا سابغ ظلاله، وأسكننا طيب آصاله، إنه على كلّ شيء قدير.

٤١٨- دخل إسماعيل بن عبد الله القسري على المهدي لما أفضت الخلافة إليه فقال: الحمد لله يا أمير المؤمنين الذي قصم بك أنياب الكفرة، وأزال بك سلطان الغصبة، وزلزل بك جبال الفجرة [٢] ، وأعذب بك الآجن، وشفى صدور المسلمين. ولسنا نصفك بشيء إلا وأنت فوقه، ولا نقدر من بلوغ شكرك على ما تغمّدتنا به نعمك، غير أنك قد زنت الملك ولم يزنك، وشرّفته ولم يشرّفك، وإنك فاروق هذه الأمة، ووليّ هذه النعمة، جمع الله بك الشمل، وآمن بك السبل، فالناس جميعا يوجبون حقّك، ويعرفون فضلك، فيتذكرون مثلك في من مضى فلا يعرفونه، ولا في الذين غبروا يرتجونه، قد أخصب لهم جنابك،


[١] م: مرتقى إلى المنازل.
[٢] م: جبال الكفرة الفجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>