للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكني ألغيت شرح هذه الأخبار التي أوردها أصحاب السّير تنزيها لهم، وإكبارا عن تمثيلهم ممن أدركه الزلل فهفا، وعثر في سنن هديه فكبا؛ وعلى أن الناس مختلفون فيما يجوز عليهم من الخطأ، وفيهم من لم يجوز [١] عليه وقوع الخطيئة، لا كبيرها ولا صغيرها، قبل النبوّة وبعدها. فأما الذين جوّزوا وقوع الخطأ منهم واختلفوا، فجوز [٢] أصحاب الحديث ومن تابعهم وقوع الكبائر منهم قبل النّبوّة؛ وأفرط قوم منهم فجوّزوها في حال النّبوّة، سوى الكذب فيما يتعلق بأداء الشريعة؛ ومنهم من جوّز ذلك في حال النّبوّة بشرط الإسرار [٣] دون الإعلان؛ وفيهم من جوّزه على الأحوال كلّها، ومنعت المعتزلة من وقوع الكبائر والصغائر المستخفّة من الأنبياء عليهم السلام قبل النّبوّة وفي حالها، وجوّزت في الحالين وقوع ما لا يستخفّ من الصغائر، ثم اختلفوا: فمنهم من جوّز على النبيّ الإقدام على المعصية الصغيرة لا على سبيل العمد، ومنهم من منع ذلك وقال: إنهم لا يقدمون على ما يعملونه معصية على سبيل التأويل.

وحكي عن النّظّام وجعفر بن مبشّر أنهما قالا مع جماعة اتبعتهما إنّ ذنوبهم لا تكون إلا على سبيل السّهو والغفلة، وأنّهم مؤاخذون بذلك وإن كان موضوعا عن أممهم لقوّة معرفتهم وعلوّ مرتبتهم، وحجج هذه المقالات وتسمية قائليها والذاهبين إليها، تحتاج إلى بيان وشرح لا يليق بهذا الكتاب.

وحصل من هذا إجماع أكثر الناس أن أحدا لا يخلو من هفوة وزلّة، والله بكرمه وليّ العفو عنها والمسامحة بها، فلا يعاب ذو فضيلة بوقوعها منه.

١١٤١- كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ناقة تسبق ما يجاريها. فجاء أعرابيّ بناقة له فسبقها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: حقيق على الله تعالى أن لا يرفع شيئا إلا وضعه.


[١] م: لم يجز.
[٢] م: فاختلفوا فجوز.
[٣] رم: الاستسرار، وفي حاشية ر ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>