للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارتفعوا، فقاموا. قال: ثم لم أعد إليه والله بعدها.

واستمع حماد لرواية هذه الحكاية قال: فكنت بعد ذلك إذا استنشدني خليفة أو أمير تنبّهت قبل أن أنشده لئلا يكون في القصيدة ذكر امرأة له أو بنت أو أمّ.

«١١٦٤» - قال ابن دريد: وجدت للجاحظ في كتاب البيان تصحيفا شنيعا، فإنه قال: حدثني محمد بن سلام قال: سمعت يونس يقول: ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم؛ وإنما هو عن أبي عثمان البتّيّ.

فأمّا النبي صلّى الله عليه وسلم فلا شك عند الملّي والذّمّي انه كان أفصح الخلق.

«١١٦٥» - وفي هذا الكتاب قال الجاحظ: يستحسن من النساء اللحن، وأنشد لمالك بن أسماء بن خارجة يحتجّ لقوله: [من الخفيف]

منطق صائب وتلحن أحيا ... نا وخير الحديث ما كان لحنا

قال عليّ بن المنجم: قلت له: مثلك في فضلك وعلمك يقول هذا؟ وإنّما أراد وصفها بالظرف والفطنة، وأنها تورّي عمّا قصدت له، وتتنكّب التصريح.

فاعترف بذلك وقال: إني تنبّهت له من بعد؛ قلت: فلم لا تغيّره من الكتاب؟

فقال: كيف بما سارت به الرّكبان؟

واللحن هنا: الكناية عن الشيء والتعريض بذكره، والعدول عن الإيضاح به على معنى قوله تعالى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ

(محمد: ٣٠) . وقد تبع عبد الله بن مسلم بن قتيبة الجاحظ، فذكر في كتابه المعروف بعيون الأخبار أبيات مالك هذه، واعتذر لها من لحن ان أصيب فيه. وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لعلّ أحدكم ألحن بحجته» ، أي أفطن وأغوص عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>