للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان جالسا أمام قبّة له، فأعطاهما من التمر الذي كان أخذه من معسكر حجر. فقال ضليع: هذه أمارة، هذا التمر من تمر حجر فترجع [١] به. وأما سدوس فقال: لست براجع إلا بعين جليّة. فانصرف ضليع وأقام سدوس، وأوقد السلمي نارا ودخل قبّته وقال لأصحابه: تحارسوا، ولينظر كلّ امرىء منكم من جليسه. فضرب سدوس بيده إلى جليسه، فقال: من أنت؟ مخافة أن يسبق إليها، فقال: أنا فلان، فقال: معروف. ونوموا [٢] . ودنا سدوس من القبّة، فداعب ابن الهبولة هندا امرأة حجر ساعة ثم قال لها: ما ظنّك بحجر لو علم مكاني منك؟ قالت: والله لو علم لأتاك سريع الطلب، شديد الكلب، فاغرا فاه كأنه جمل آكل مرار، وكأني بفتيان بكر بن وائل معه يذمرهم ويذمرونه. فرفع يده فلطمها ثم قال: والله ما قلت هذا إلا من حبه، قالت: والله ما قلت هذا إلا من بغضه، ووالله ما أبغضت بغضه أحدا، وسأخبرك من بغضي إياه بشيء لتعلم أني صادقة، قال: ما هو؟ قالت: كان ينام فيستيقن نوما ويبقى عضو من جسده لا ينام، وما رأيت أحدا أحزم منه قطّ نائما ويقظان. فبينا هو نائم ذات يوم قد مدّ إحدى يديه وبسط الأخرى، ومدّ إحدى رجليه وبسط الأخرى، إذ أقبل ثعبان أسود فأهوى إلى رجله الممدودة فقبضها، ثم أهوى الى يده المبسوطة فقبضها، ثم أهوى الى عسّ فيه لبن، فشرب ثم مجّه فيه، فقلت في نفسي: يشربه فيهلك فأستريح منه. فما كان بأسرع من أن استوى جالسا فقال: لقد ألّم بنا ملمّ، لقد دخل علينا عدوّ. قالت: قلت ومن يدخل عليك وأنت ملك؟ فأهوى إلى العسّ فأخذه فسقط من يده، والكلام بأذن سدوس. فلما أصبح عدا إلى حجر وهو يقول: [من الوافر]


[١] م: فرجع.
[٢] م: وناموا.

<<  <  ج: ص:  >  >>