للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدرة لي عليه، وأطال حبسي حتى أيست من الفرج. فرأيت ليلة من الليالي، وأنا أشدّ ما كنت فيه من الهمّ، كأن قائلا يقول لي: اطلب من ابن الراهبوني دفترا خلقا عنده، على ظهره دعاء فادع به فإن الله عزّ وجلّ يفرّج عنك. قال: وكان ابن الراهبوني هذا صديقا لي من أبناء أهل واسط، وهو مقيم بالبصرة حينئذ.

فلما كان من غد أنفذت إليه: أعندك دفتر على ظهره دعاء؟ فقال: نعم. فقلت:

جئني به، فجاءني به، فرأيت على ظهره مكتوبا: اللهم أنت أنت، انقطع الرجاء إلا منك، وخاب الأمل إلا فيك، اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، ولا تقطع اللهم منك رجائي، ولا رجاء من يرجوك في شرق الأرض ولا في غربها، يا قريبا غير بعيد، يا شاهدا لا يغيب ويا غالبا غير مغلوب، اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وارزقني رزقا واسعا من حيث لا أحتسب، إنك على كل شيء قدير. قال: فواصلت الدعاء بذلك، فما مضت إلا أيام يسيرة حتى وجّه المهلبي فأخرجني من الحبس وقلّدني الإشراف على أبي الحسن أحمد بن محمد الطويل بأسافل الأهواز.

«٩٢» - وذكر المدائني ان توبة العنبري [١] قال: أكرهني يوسف بن عمر على العمل، ثم أخذني وقيّدني وحبسني حتى لم يبق في رأسي شعرة سوداء؛ فأتاني آت في منامي فقال لي: يا توبة، أطالوا حبسك؟ قلت: أجل، فقال: سل الله تعالى العفو والعافية في الدنيا والآخرة ثلاثا. فاستيقظت وكتبتها، ثم توضأت وصليت ما شاء الله، ثم جعلت أدعو بها حتى وجبت صلاة الصبح فصليتها، فجاء حرسي فقال:

أين توبة العنبري، فحملني في أقيادي وأدخلني عليه وأنا أتكلم بهن، فلما رآني أمر باطلاقي، قال: وعلّمتها وأنا في السجن رجلا، فقال: لم أدع إلى عذاب فقلتها إلا


[١] م: الأنباري.

<<  <  ج: ص:  >  >>