للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحسدني أن أصيب خيرا أو أستشهد فأستريح من الدنيا والطلب لها. فأعجبه قوله وجزالته فولّاه، فأصاب في وجهه ذلك مالا كثيرا وانصرف إلى المدينة، فقال لزوجته: ألم أخبرك أنه سيغنيك سيري في البلاد ومطلبي؟ قالت: بلى والله! لقد أخبرتني وصدق خبرك.

٣٣٤- قيل لأعرابي: إنكم لتكثرون من التجول والرحيل وتهجرون الأوطان، قال: ليس الوطن بأب والد ولا بأمّ مرضع، فأي بلد طاب فيه عيشك، وحسنت فيه حالك، وكثر فيه درهمك ودينارك، فاحطط به رحلك، فهو وطنك وأبوك وأمك وأهلك.

[أقوال أبي محلم الشاعر]

«٣٣٥» - قال أبو محلّم الشاعر: شخصت مع عبد الله بن طاهر إلى خراسان في الوقت الذي شخص، وكنت أعادله فأسايره، فلما صرنا إلى الريّ مررنا بها سحرا، فسمعنا أصوات الأطيار من القماريّ وغيرها، قال لي عبد الله: لله درّ أبي كبير الهذلي حيث يقول: [من الطويل]

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك ميّاد ففيم تنوح

ثم قال: يا أبا محلم هل يحضرك في هذا شيء؟ فقلت: أصلح الله الأمير كبرت سني، وفسد ذهني، ولعل شيئا أن يحضرني، ثم حضر شيء فقلت: أصلح الله الأمير حضر شيء، تسمعه؟ فقال هاته، فقلت: [من الطويل]

أفي كل عام غربة ونزوح ... أما للنوى من ونية فيريح

لقد طلّح البين المشتّ ركائبي ... فهل أرينّ البين وهو طليح

وذكرني بالري نوح حمامة ... فنحت وذو الشجو الحزين ينوح

على أنها ناحت ولم تذر دمعها ... ونحت وأسراب الدموع سفوح

وناحت وفرخاها بحيث تراهما ... ومن دون أفراخي مهامه فيح

<<  <  ج: ص:  >  >>