للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أراك عاقلا، ثم أشار بيده إلى الليل فقال: ما هذا؟ قال: الليل، قال: أراك عاقلا، ثم ملأ كفّيه من الرمل فقال: كم هذا؟ فقال: لا أدري وإنّه لكثير، قال: أيما أكثر النجوم أم النيران؟ قال: كلّ كثير. قال: أبلغ قومي التحيّة وقل لهم ليكرموا فلانا- يعني أسيرا كان في أيديهم من بكر- فإنّ قومه لي مكرمون، وقل لهم: إنّ العرفج قد أدبى وشكّت النساء، وأمرهم أن يعروا ناقتي الحمراء فقد أطالوا ركوبهم إيّاها، وأن يركبوا جملي الأصهب بآية ما أكلت معكم حيسا، واسألوا عن خبري أخي الحارث. فلما أدّى العبد الرسالة إليهم قالوا:

لقد جنّ الأعور، والله ما نعرف له ناقة حمراء ولا جملا أصهب. ثمّ سرّحوا العبد ودعوا الحارث فقصّوا عليه فقال: أنذركم؛ أما قوله: قد أدبى العرفج يريد أنّ الرجال قد استلأموا ولبسوا السلاح. وقوله: شكّت النساء أي اتّخذن الشّكاء للسفر، وقوله: الناقة الحمراء أي ارتحلوا عن الدّهناء واركبوا الصّمّان وهو الجمل الأصهب، وقوله: أكلت معكم حيسا أي أخلاط من الناس وقد غزوكم، لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط، فامتثلوا ما قال وعرفوا لحن كلامه.

٧٩٣- ومن هذا الفنّ قوله تعالى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ

(محمد: ٣٠) .

«٧٩٤» - وقوله صلّى الله عليه وسلّم: لعلّ أحدكم ألحن بحجّته، أي أغوص عليها.

«٧٩٥» - بعث بشامة بن الأعور إلى أهله ثلاثين شاة ونحيا صغيرا فيه سمن، فسرق الرسول شاة واحدة وأخذ من رأس النّحي شيئا من السمن. فقال لهم الرسول: ألكم حاجة أخبره بها؟ قالت امرأته: أخبره أن الشهر محاقّ، وأنّ جدينا الذي كان يطالعنا وجدناه مرثوما. فارتجع منه الشاة والسمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>