للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأخبار والآثار التي هي من جنسها، أتبعتها في هذا الباب بما كان مستغربا ومعجبا نادرا، وبالأشعار الشاذة عن المعاني المطروقة، والمقاصد المسلوكة، والأغراض المعهودة، [ ... ] المعدّة لمثلها من نادر المطالب وشاذّ الاتفاق.

والله تعالى الموفّق لما يرضيه، ويباعد من سخطه بمنّه وسعة فضله.

«٣٥٥» - روي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج ليلة هاجر من مكّة إلى المدينة وأبو بكر رضي الله عنه، وعامر بن فهيرة، ودليلهما الليثيّ عبد الله بن أريقط، فمرّوا على خيمة أمّ معبد الخزاعيّة، وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء بيتها، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحما وتمرا ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك. وكان القوم مرملين مسنتين، فنظر رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم إلى شاة [في كسر] الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أمّ معبد؟ قالت: خلّفها الجهد عن الغنم. قال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك. قال: أفتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت:

بأبي وأمي، نعم إن رأيت بها حلبا فاحلبها. فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالشاة، فمسح ضرعها وسمّى الله عزّ وجلّ، ودعا لها في شاتها، فتفاجّت عليه ودرّت وأمرّت [١] . ودعا بإناء يربض الرّهط، فحلب فيه ثجّا حتى غلبه الثّمال [٢] ، ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم وقال:

ساقي القوم آخرهم شربا. فشربوا علّا بعد نهل، ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها، فبايعها وارتحلوا عنها.

فقلّ ما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حيّلا عجافا


[١] البيهقي: واجترت.
[٢] البيهقي: علاه البهاء.
[١٠ التذكرة الحمدونية ٩

<<  <  ج: ص:  >  >>