للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِطُولِ الْمُكْثِ، وَيَجُوزُ بِمَاءٍ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْأُشْنَانِ وَمَاءِ الْمَدِّ. وَلَا تَجُوزُ بِمَاءٍ غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَأَزَالَ عَنْهُ طَبْعَ الْمَاءِ، كَالْأَشْرِبَةِ وَالْخَلِّ وَمَاءِ الْوَرْدِ، وَتُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ بِالْأَجْزَاءِ.

وَالْمَاءُ الرَّاكِدُ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَشَرَةَ (ف) أَذْرُعٍ فِي عَشَرَةٍ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

بِطُولِ الْمُكْثِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨] . وَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ آبَارِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ» ، وَطُولُ الْمُكْثِ لَا يُنَجِّسُهُ فَيَبْقَى طَاهِرًا.

قَالَ: (وَيَجُوزُ بِمَاءٍ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ) وَلَمْ يُزِلْ رِقَّتَهُ.

(كَالزَّعْفَرَانِ وَالْأُشْنَانِ وَمَاءِ الْمَدِّ) وَفِي اللَّبَنِ رِوَايَتَانِ.

(وَلَا تَجُوزُ بِمَاءٍ غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَأَزَالَ عَنْهُ طَبْعَ الْمَاءِ كَالْأَشْرِبَةِ وَالْخَلِّ وَمَاءِ الْوَرْدِ) وَطَبْعُ الْمَاءِ كَوْنُهُ سَيَّالًا مُرَطِّبًا مُسَكِّنًا لِلْعَطَشِ.

(وَتُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ بِالْأَجْزَاءِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي خَالَطَهُ شَيْءٌ مِنَ الطِّينِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ إِجْمَاعًا لِبَقَاءِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَلَا يَجُوزُ بِالْخَلِّ إِجْمَاعًا لِزَوَالِ الِاسْمِ عَنْهُ، فَكُلُّ مَا غَلَبَ عَلَى الْمَاءِ وَأَخْرَجَهُ عَنْ طَبْعِهِ أَلْحَقْنَاهُ بِالْخَلِّ، وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَطَبْعُهُ بَاقٍ أَلْحَقْنَاهُ بِالْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ عَلَى حُكْمِ الْإِطْلَاقِ، وَإِضَافَتُهُ إِلَيْهِ كَإِضَافَتِهِ إِلَى الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِالطَّبْخِ لَا يَجُوزُ كَالْمَرَقِ إِلَّا مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّنْظِيفُ كَالسِّدْرِ وَالْحَرَضِ وَالصَّابُونِ مَا لَمْ يَثْخُنْ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ بِذَلِكَ.

[حكم الْمَاءُ الرَّاكِدُ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ]

(وَ) أَمَّا (الْمَاءُ الرَّاكِدُ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ أَوْ يَشْرَبُ» .

قَالَ: (إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فِي عَشَرَةِ أَذْرُعٍ) ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ يَنْجَسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَالْكَثِيرُ لَا، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» وَاعْتَبَرْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ مَا لَا يَخْلُصُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ. فَنَقُولُ: كُلُّ مَا لَا يَخْلُصُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ لَا يَنْجُسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا يَتَحَرَّكُ أَحَدُ طَرَفَيْهِ بِتَحَرُّكِ الطَّرَفِ الْآخَرِ، وَامْتَحَنَ الْمَشَايِخُ الْخُلُوصَ بِالْمِسَاحَةِ فَوَجَدُوهُ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَقَدَّرُوهُ بِذَلِكَ تَيْسِيرًا. وَقَالَ أَبُو مُطِيعٍ الْبَلْخِيِّ: إِذَا كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ لَا يَخْلُصُ، أَمَّا عِشْرِينَ فِي عِشْرِينَ لَا أَرَى فِي نَفْسِي شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ طُولٌ وَلَا عَرْضَ لَهُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ ضُمَّ طُولُهُ إِلَى عَرْضِهِ يَصِيرُ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَهُوَ كَثِيرٌ، وَالْمُخْتَارُ فِي الْعُمْقِ مَا لَا يَنْحَسِرُ أَسْفَلُهُ بِالْغَرْفِ، ثُمَّ إِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ مَرْئِيَّةٌ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>