للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَرَاجِيَّةُ لَا تَصِيرُ عُشْرِيَّةً أَصْلًا، وَلَا شَيْءَ فِيمَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ (س) كَالْلُؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ وَالْمَرْجَانِ، وَلَا فِيمَا يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ كَالْجِصِّ وَالنَّوْرَةِ وَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالزُّمُرُّدِ.

بَابُ الْعَاشِرِ وَهُوَ مَنْ نَصَبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنَ التُّجَّارِ مِمَّا يَمُرُّونَ عَلَيْهِ ; فَيَأْخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِ

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَالَ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] وَالْخَرَاجُ أَلْيَقُ بِهِ فَيُوضَعُ عَلَيْهِ ; وَإِنِ اشْتَرَاهَا تَغْلِبِيٌّ فَعَلَيْهِ عُشْرَانِ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهُمْ صُولِحُوا عَلَى أَنْ يُضَاعَفَ عَلَيْهِمْ جَمِيعُ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنَ النَّصَارَى كَانُوا قَرِيبًا مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ، فَأَبَوْا وَقَالُوا: إِنْ وَضَعْتَ عَلَيْنَا الْجِزْيَةَ لَحِقْنَا بِأَعْدَائِكَ مِنَ الرُّومِ، وَإِنْ أَخَذْتَ مِنَّا مَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ وَتَضَعُهُ عَلَيْنَا فَافْعَلْ، فَشَاوَرَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ فَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ عُمَرُ: هَذِهِ جِزْيَةٌ فَسَمُّوهَا مَا شِئْتُمْ.

قَالَ: (وَالْخَرَاجِيَّةُ لَا تَصِيرُ عُشْرِيَّةً أَصْلًا) لِأَنَّهَا وَظِيفَةُ الْأَرْضِ، وَالْكُلُّ أَهْلٌ لِلْخَرَاجِ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّغْيِيرِ.

قَالَ: (وَلَا شَيْءَ فِيمَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ كَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ وَالْمَرْجَانِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْكُفَّارِ لِيَكُونَ غَنِيمَةً، وَلِهَذَا لَوِ اسْتُخْرِجَ مِنْهُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لَا شَيْءَ فِيهِمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: فِيهِ الْخُمْسُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْخُمْسَ مِنَ الْعَنْبَرِ. وَاللُّؤْلُؤُ أَشْرَفُ مَا يُوجَدُ فِي الْبَحْرِ، فَيُعْتَبَرُ بِأَشْرَفَ مَا يُوجَدُ فِي الْبَرِّ وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ. ثُمَّ قِيلَ اللُّؤْلُؤُ مَطَرُ الرَّبِيعِ يَقَعُ فِي الصَّدَفِ فَيَصِيرُ لُؤْلُؤًا.

وَقِيلَ: الصُّدَفُ حَيَوَانٌ يُخْلَقُ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ. وَأَمَّا الْعَنْبَرُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ حَشِيشُ الْبَحْرِ يَأْكُلُهُ السَّمَكُ ; وَقِيلَ شَجَرَةٌ تَنْكَسِرُ فَيُلْقِيهَا الْمَوْجُ فِي السَّاحِلِ ; وَقِيلَ: خِثْيُ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ وَلَيْسَ فِي الْأَشْجَارِ، وَالْأَخْثَاءُ شَيْءٌ. وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْعَنْبَرِ ; فَقَالَ: هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ وَلَا خُمْسَ فِيهِ.

قَالَ: (وَلَا فِيمَا يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ كَالْجِصِّ وَالنَّوْرَةِ وَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالزُّمُرُّدِ) لِأَنَّهُ مِنَ الْأَرْضِ كَالتُّرَابِ وَالْأَحْجَارِ، وَالْفُصُوصُ: أَحْجَارٌ مُضِيئَةٌ.

[بَابُ الْعَاشِرِ]

ِ (وَهُوَ مَنْ نَصَبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنَ التُّجَّارِ مِمَّا يَمُرُّونَ عَلَيْهِ) عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ، وَتَأْمَنُ التُّجَّارُ بِمُقَامِهِ مِنْ شَرِّ اللُّصُوصِ.

(فَيَأْخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>