للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ الْعَقَارُ فِي يَدِ الْغَائِبِ، وَفِي الشِّرَاءِ لَا يَقْسِمُهُ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ حَضَرَ وَارِثٌ وَاحِدٌ لَمْ يَقْسِمْ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ.

وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ قَسَمَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا يَسْتَضِرُّونَ لَا يَقْسِمُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ وَالْآخَرُ يَسْتَضِرُّ قَسَمَ بِطَلَبِ الْمُنْتَفِعِ، وَلَا يُقْسَمُ الْجَوْهَرُ وَالرَّقِيقُ (ف سم) وَالْحَمَّامُ وَالْحَائِطُ وَالْبِئْرُ بَيْنَ دَارَيْنِ وَالرَّحَى إِلَّا بِتَرَاضِيهِمْ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

يَكُونَ الْعَقَارُ فِي يَدِ الْغَائِبِ) لِمَا مَرَّ.

(وَفِي الشِّرَاءِ لَا يَقْسِمُهُ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْجَمِيعِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ مِلْكُ خِلَافَةٍ حَتَّى يَنْتَقِلَ إِلَيْهِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُوَرِّثُ أَوْ بَاعَهُ فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا خَصْمًا عَنِ الْمَيِّتِ فِيمَا فِي يَدِهِ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ، وَفِي الشِّرَاءِ مِلْكٌ مُبْتَدَأٌ حَتَّى لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى بَائِعِ بَائِعِهِ، وَلَا يَصْلُحُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنِ الْغَائِبِ فَافْتَرَقَا.

قَالَ: (وَإِنْ حَضَرَ وَارِثٌ وَاحِدٌ لَمْ يَقْسِمْ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ) لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ خَصْمًا وَمُقَاسِمًا مِنْ جِهَتَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ خَصْمَيْنِ.

[فصل طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ]

فَصْلٌ (وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ قَسَمَ بَيْنَهُمْ) لِمَا بَيَّنَّا.

(وَإِنْ كَانُوا يَسْتَضِرُّونَ لَا يَقْسِمُ) اعْلَمْ أَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: قِسْمَةٌ يَتَوَلَّاهَا الشُّرَكَاءُ بِأَنْفُسِهِمْ فَتَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَالْإِنْسَانُ مُخَيَّرٌ فِي اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ وَإِبْطَالِهِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، وَقِسْمَةٌ يَتَوَلَّاهَا الْحَاكِمُ أَوْ أَمِينُهُ فَتَجُوزُ فِيمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَا فِيمَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ وَلَا فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ كَالْحَائِطِ وَالْبِئْرِ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِبَ لِإِقَامَةِ الْمَصَالِحِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ الضَّرَرِ وَالِاشْتِغَالُ بِمَا لَا يُفِيدُ مِنْ قَبِيلِ الْهَزْلِ، وَمَنْصِبُهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَيْسَ فِي حُكْمِ الْمِلْكِ، فَلَيْسَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجِيبَهُ إِلَيْهِ، فَإِنْ طَلَبَا الْقِسْمَةَ مِنَ الْقَاضِي فِي رِوَايَةٍ لَا يَقْسِمُ لِمَا بَيَّنَّا، وَفِي رِوَايَةٍ يَقْسِمُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا مَنْفَعَةٌ لَا تَظْهَرُ لَنَا فَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ.

(وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ وَالْآخَرُ يَسْتَضِرُّ قَسَمَ بِطَلَبِ الْمُنْتَفِعِ) لِأَنَّهُ يَنْفَعُهُ فَاعْتُبِرَ بِطَلَبِهِ، وَإِنْ طَلَبَ الْآخَرَ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ لَا مُتَظَلِّمٌ. وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ أَيُّهُمَا طَلَبَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ إِنَّمَا كَانَ لِلضَّرَرِ وَلَا اعْتِبَارَ لِلضَّرَرِ مَعَ الرِّضَى كَمَا إِذَا اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا.

قَالَ: (وَلَا يُقْسَمُ الْجَوْهَرُ وَالرَّقِيقُ وَالْحَمَّامُ وَالْحَائِطُ وَالْبِئْرُ بَيْنَ دَارَيْنِ وَالرَّحَى إِلَّا بِتَرَاضِيهِمْ) وَكَذَا كُلُّ مَا فِي قِسْمَتِهِ ضَرَرٌ كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ وَالْبَابِ وَالْخَشَبَةِ وَالْقَمِيصِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنَ التَّفْصِيلِ وَالرِّوَايَاتِ وَالتَّعْلِيلِ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقِسْمَةِ مِنَ التَّعْدِيلِ وَلَا يُمْكِنُ فِي الْبَعْضِ كَالْجَوْهَرِ وَالرَّقِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>