للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي فِي الْمَجْلِسِ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَسْتَخْلِفُ عَلَى الْقَضَاءِ إِلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إِلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا يَقْضِي عَلَى غَائِبٍ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، أَوْ مَا يَكُونُ مَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْحَاضِرِ.

وَإِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ قَضَاءُ قَاضٍ أَمْضَاهُ، إِلَّا أَنْ يُخَالِفَ الْكِتَابَ أَوِ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ أَوِ الْإِجْمَاعَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

غَضْبَانُ " وَفِي رِوَايَةٍ " وَهُوَ شَبْعَانُ» وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْفِكْرِ، وَهَذِهِ الْأَعْرَاضُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْفِكْرِ فَتُخِلُّ بِالْقَضَاءِ، وَيُكْرَهُ لَهُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ يَوْمَ الْقَضَاءِ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنِ الْجُوعِ، وَلَا يُتْعِبُ نَفْسَهُ بِطُولِ الْجُلُوسِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ضَجِرَ وَمَلَّ وَيَقْعُدُ طَرَفَيِ النَّهَارِ ; وَإِذَا طَمِعَ فِي رِضَى الْخَصْمَيْنِ رَدَّهُمَا مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا، وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ أَنْفَذَ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْمُوجِبِ لِلتَّأْخِيرِ.

قَالَ: (وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي فِي الْمَجْلِسِ لِنَفْسِهِ) لِمَا فِيهِ مِنَ التُّهْمَةِ، وَلَا بَأْسَ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُكْرَهُ أَيْضًا، وَإِنَّمَا يَبِيعُ وَيَشْتَرِي مِمَّنْ لَا يَعْرِفُهُ وَلَا يُحَابِيهِ.

قَالَ: (وَلَا يَسْتَخْلِفُ عَلَى الْقَضَاءِ إِلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إِلَيْهِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنِ الْإِمَامِ ; وَالْوَكِيلُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ.

قَالَ: (وَلَا يَقْضِي عَلَى غَائِبٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا عَلِيُّ لَا تَقْضِ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ الْآخَرِ» ؛ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ، وَلَا مُنَازَعَةَ بِدُونِ الْإِنْكَارِ فَلَا وَجْهَ إِلَى الْقَضَاءِ.

قَالَ: (إِلَّا أَنْ يَحْضُرَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) إِمَّا بِإِنَابَتِهِ كَالْوَكِيلِ، أَوْ بِإِنَابَةِ الشَّرْعِ كَالْوَصِيِّ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي.

(أَوْ مَا يَكُونُ مَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْحَاضِرِ) كَمَنِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبَ يَقْضِي بِهَا عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، وَكَذَا لَوِ ادَّعَى شُفْعَةً وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ الشِّرَاءَ، فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ اشْتَرَاهَا مِنَ الْغَائِبِ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا، وَكَذَا إِذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: هُمَا عَبْدَانِ، فَأَقَامَ الْمَشْهُودُ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَوْلَاهُمَا أَعْتَقَهُمَا حَكَمَ بِعِتْقِهِمَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا.

[فصل إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ قَضَاءُ قَاضٍ]

فَصْلٌ

(وَإِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ قَضَاءُ قَاضٍ أَمْضَاهُ إِلَّا أَنْ يُخَالِفَ الْكِتَابَ أَوِ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ أَوِ الْإِجْمَاعَ) وَأَصْلُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ قَضَاؤُهُ فَقَضَى بِقَضِيَّةٍ يَسُوغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ مِنَ الْقُضَاةِ نَقْضُهُ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ الثَّانِيَ مِثْلُهُ وَالْأَوَّلَ تَرْجِيحٌ بِالسَّبْقِ لِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ شُرَيْحًا قَضَى بِقَضَاءٍ خَالَفَ فِيهِ عُمَرَ وَعَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَلَمْ يَفْسَخَاهُ لِوُقُوعِهِ مِنْ قَاضٍ جَائِزِ الْحُكْمُ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ. وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى فِي الْجَدِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>