للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنِّسْبَةُ إِلَى الْمِصْرِ وَالْمَحَلَّةِ الْكَبِيرَةِ عَامَّةٌ، وَإِلَى السِّكَّةِ الصَّغِيرَةِ خَاصَّةٌ.

بَابُ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ

وَلَا يَصِحُّ إِلَّا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَإِنْ رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا سَقَطَتْ، وَبَعْدَهُ لَمْ يُفْسَخِ الْحُكْمُ، وَضَمِنُوا مَا أَتْلَفُوهُ بِشَهَادَتِهِمْ، فَإِنْ شَهِدَا بِمَالٍ فَقُضِيَ بِهِ، وَأَخَذَهُ الْمُدَّعِي ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَاهُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَكَذَا ذِكْرُ الْأَبِ، لِأَنَّ كَثِيرًا مَا يَقَعُ الِاشْتِرَاكُ فِي اسْمِ الْإِنْسَانِ وَاسْمِ أَبِيهِ. أَمَّا الِاشْتِرَاكُ مَعَ ذَلِكَ فِي اسْمِ الْجَدِّ فَنَادِرٌ فَحَصَلَ بِهِ التَّعْرِيفُ.

(وَالنِّسْبَةُ إِلَى الْمِصْرِ وَالْمَحَلَّةِ الْكَبِيرَةِ عَامَّةٌ) لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ.

(وَإِلَى السِّكَّةِ الصَّغِيرَةِ خَاصَّةٌ) .

[بَابُ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ]

الْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي كِتَابِ الْقَاضِي: " فَلَا يَمْنَعُكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ وَرَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تَرْجِعَ فِيهِ إِلَى الْحَقِّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ لَا يَبْطُلُ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ "، فَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَجْمَعُهُمَا، لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنِ الشَّهَادَةِ الْبَاطِلَةِ رُجُوعٌ مِنَ الْبَاطِلِ إِلَى الْحَقِّ، وَالرُّجُوعُ قَوْلُهُ شَهِدْتُ بِزُورٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَصْلٌ آخَرُ أَنَّ الشَّاهِدَ بِشَهَادَتِهِ تَسَبَّبَ إِلَى إِتْلَافِ الْمَالِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ يَدًا وَتَصَرُّفًا، فَإِنْ أَزَالَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ ضَمِنَ الْجَمِيعَ، وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ إِنْ كَانَ مِثْلًا لَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَالْقَاضِي مُلْجَأٌ إِلَى الْقَضَاءِ مِنْ جِهَةِ الشُّهُودِ فَلَا يُضَافُ الْإِتْلَافُ إِلَيْهِ.

قَالَ: (وَلَا يَصِحُّ إِلَّا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ بِمُقْتَضَى الرُّجُوعِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي كَمَا فِي الشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّهُ تَوْبَةٌ وَالشَّهَادَةُ جِنَايَةٌ، فَيُشْتَرَطُ اسْتِوَاؤُهَا فِي الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ؛ وَلَوْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا رَجَعَا لَمْ تُقْبَلْ وَلَا يَحْلِفَانِ، فَإِنْ قَالَ رَجَعْتُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ كَانَ هَذَا رُجُوعًا مُبْتَدَأً عِنْدَ الْقَاضِي.

قَالَ: (فَإِنْ رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا سَقَطَتْ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ بِالشَّهَادَةِ وَقَدْ تَنَاقَضَتْ.

قَالَ: (وَبَعْدَهُ لَمْ يُفْسَخِ الْحُكْمُ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَالرُّجُوعَ عَنْهَا سَوَاءٌ فِي احْتِمَالِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ تَرَجَّحَ بِالْقَضَاءِ فَلَا يُنْقَضُ بِالثَّانِي.

قَالَ: (وَضَمِنُوا مَا أَتْلَفُوهُ بِشَهَادَتِهِمْ) لِإِقْرَارِهِمَا بِسَبَبِ الضَّمَانِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، فَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ قَضَاهُ دَيْنَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا لِمَا مَرَّ.

قَالَ: (فَإِنْ شَهِدَا بِمَالٍ فَقَضَى بِهِ وَأَخَذَهُ الْمُدَّعِي ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَاهُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) لِوُجُودِ التَّسَبُّبِ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي، وَأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ، وَلَا وَجْهَ إِلَى تَضْمِينِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَاضٍ، وَلَا يُضَمَّنُ الْقَاضِي لِمَا بَيَّنَّا،

<<  <  ج: ص:  >  >>