للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَلَاحِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ، وَهُمَا سُنَّتَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ، يَزِيدُ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْفَلَاحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ، وَيُرَتِّلُ الْأَذَانَ، وَيَحْدُرُ الْإِقَامَةَ، وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا الْقِبْلَةَ، وَيَجْعَلُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَيُحَوِّلُ وَجْهَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا بِالصَّلَاةِ وَالْفَلَاحِ، وَيَجْلِسُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إِلَّا فِي الْمَغْرِبِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الْفَلَاحِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ) لِمَا رَوَيْنَا، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ قَالَ: «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَذَانَ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً» قَالَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ: أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ.

قَالَ: (وَهُمَا سُنَّتَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ) ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاظَبَ عَلَيْهِمَا فِيهَا، وَلِأَنَّ لَهَا أَوْقَاتًا مَعْلُومَةً، وَتُؤَدَّى فِي الْجَمَاعَاتِ فَتَحْتَاجُ إِلَى الْإِعْلَامِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهَا. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ جَازَ، وَإِنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ. أَمَّا الْجَوَازُ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ذَلِكَ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي دَارِهِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَيَقُولُ: يَجْزِينَا أَذَانُ الْمُقِيمِينَ حَوْلَنَا وَفِعْلُهُ أَفْضَلٌ لِأَنَّهُمَا أَذْكَارٌ تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَذْكَارِ.

قَالَ: (وَيَزِيدُ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْفَلَاحِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ) لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ بِلَالًا أَتَى بَابَ حُجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُعْلِمَهُ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ رَاقِدٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا أَحْسَنَ هَذَا، اجْعَلْهُ فِي أَذَانِكَ» ، وَتَوَارَثَتْهُ الْأُمَّةُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَلَا تَثْوِيبَ فِي غَيْرِ أَذَانِ الْفَجْرِ لِقَوْلِ بِلَالٍ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا بِلَالُ ثَوِّبْ بِالْفَجْرِ وَلَا تُثَوِّبْ فِي غَيْرِهَا» ، وَلِأَنَّ الْفَجْرَ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِلْأُمَرَاءِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ نَصَبَ مَنْ يُعْلِمُهُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ; قِيلَ: وَكَذَلِكَ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَكُلُّ مَنْ يَشْتَغِلُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ ; وَقِيلَ: فِي زَمَانِنَا يُثَوِّبُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، وَالتَّثْوِيبُ: زِيَادَةُ الْإِعْلَامِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِمَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ كُلِّ بَلْدَةٍ.

قَالَ: (وَيُرَتِّلُ الْأَذَانَ وَيَحْدُرُ الْإِقَامَةَ) بِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا.

(وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا الْقِبْلَةَ) لِحَدِيثِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ اسْتَقْبَلَ بِهِمَا الْقِبْلَةَ.

(وَيَجْعَلُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ) بِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِلَالًا وَقَالَ: «إِنَّهُ أَنْدَى لِصَوْتِكَ» .

(وَيُحَوِّلُ وَجْهَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا بِالصَّلَاةِ وَالْفَلَاحِ) وَقَدَمَاهُ مَكَانَهُمَا هَكَذَا نُقِلَ مِنْ فِعْلِ بِلَالٍ، وَلِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلنَّاسِ فَيُوَاجِهُهُمْ بِهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ تَكْبِيرٌ وَتَهْلِيلٌ.

قَالَ: (وَيَجْلِسُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إِلَّا فِي الْمَغْرِبِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>