للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنْ أَرَادَ الْكَذِبَ صُدِّقَ، وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ، وَإِنْ أَرَادَ الظِّهَارَ فَظِهَارٌ (م) ، وَإِنْ أَرَادَ التَحْرِيمَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فَهُوَ إِيلَاءٌ.

بَابُ الْخَلْعِ

وَهُوَ أَنْ تَفْتَدِيَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِمَالٍ لِيَخْلَعَهَا بِهِ، فَإِذَا فَعَلَا لَزِمَهَا الْمَالُ وَوَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

السُّلْطَانُ أَوِ الْعَدُوُّ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا وَاسْتَمَرَّ الْإِحْرَامُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَا يَصِحُّ فَيْؤُهُ إِلَّا بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ زُفَرُ فِي الْإِحْرَامِ: فَيْؤُهُ الْقَوْلُ، لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ فَكَانَ عُذْرًا. قُلْنَا: الْحُرْمَةُ حَقُّ الشَّرْعِ، وَالْوَطْءُ حَقُّهَا، وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الشَّرْعِ بِأَمْرِهِ.

قَالَ: (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنْ أَرَادَ الْكَذِبَ صُدِّقَ) لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ، وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ يَمِينٌ ظَاهِرًا (وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ) لِأَنَّهُ مِنَ الْكِنَايَاتِ، (وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ) وَقَدْ مَرَّ، (وَإِنْ أَرَادَ الظِّهَارَ فَظِهَارٌ) لِأَنَّ فِي الظِّهَارِ نَوْعُ حُرْمَةٍ وَقَدْ نَوَاهُ بِالْمُطْلَقِ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ ظِهَارًا لِعَدَمِ التَّشْبِيهِ بِالْمُحَرَّمَةِ (وَإِنْ أَرَادَ التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فَهُوَ إِيلَاءٌ) لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَمَوْضِعُهُ كِتَابُ الْأَيْمَانِ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا صَرَفُوا لَفْظَةَ التَّحْرِيمِ إِلَى الطَّلَاقِ حَتَّى قَالُوا: يَقَعُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَأَلْحَقُوهُ بِالصَّرِيحِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ وَالْعُرْفِ.

[بَابُ الْخَلْعِ]

ِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْقَلْعُ وَالْإِزَالَةُ، قَالَ تَعَالَى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: ١٢] ، وَمِنْهُ خَلْعُ الْقَمِيصِ: إِذَا أَزَالَهُ عَنْهُ، وَخَلَعَ الْخِلَافَةَ: إِذَا تَرَكَهَا وَأَزَالَ عَنْهُ كُلَفَهَا وَأَحْكَامَهَا.

وَفِي الشَّرْعِ: إِزَالَةُ الزَّوْجِيَّةِ بِمَا تُعْطِيهِ مِنَ الْمَالِ، وَهُوَ فِي إِزَالَةِ الزَّوْجِيَّةِ بِضَمِّ الْخَاءِ، وَإِزَالَةِ غَيْرِهَا بِفَتْحِهَا، كَمَا اخْتُصَّ إِزَالَةُ قَيْدِ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْإِطْلَاقِ.

قَالَ: (وَهُوَ أَنْ تَفْتَدِيَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِمَالٍ لِيَخْلَعَهَا بِهِ، فَإِذَا فَعَلَا لَزِمَهَا الْمَالُ وَوَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ) وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] ، وَإِنَّمَا تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ» وَلِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فَيَقَعُ بِهِ بَائِنًا لِمَا مَرَّ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، إِمَّا لِدَلَالَةِ الْحَالِ، أَوْ لِأَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِبَذْلِ الْمَالِ إِلَّا لِتَمْلِكَ نَفْسَهَا وَتَخْرُجَ مِنْ نِكَاحِهِ، وَذَلِكَ بِالْبَيْنُونَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَالْخُلْعُ مِنْ جَانِبِهِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِقَبُولِهَا فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهَا، وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ مِنَ الْمَجْلِسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>