للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ يُجْبَرُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.

فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ وَإِذَا اخْتَصَمَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَلَدِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَالْأُمُّ أَحَقُّ، ثُمَّ أُمُّهَا ثُمَّ أُمُّ الْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْإِعْسَارُ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَتَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَحَبْسِهِ، وَلَا دَيْنَ لِلْعَبْدِ عَلَى مَوْلَاهُ، وَلِأَنَّهُ يُفَوِّتُ مِلْكَهُ فِي النِّكَاحِ لَا إِلَى خُلْفٍ، وَهَاهُنَا يُفَوَّتُ إِلَى الثَّمَنِ، عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ هُنَا يَقَعُ بِاخْتِيَارِهِ وَعَقْدِهِ وَالْفَسْخُ لَا بِفِعْلِهِ.

قَالَ: (وَسَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ يُجْبَرُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى) لِمَا فِيهِ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَتَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُمَا، وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ لِيُقْضَى لَهَا بِجَبْرِ الْمَوْلَى عَلَى نَفَقَتِهَا أَوْ بَيْعِهَا.

[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

ِ وَهِيَ مِنَ الْحِضْنِ، وَهُوَ مَا دُونُ الْإِبِطِ إِلَى الْكَشْحِ، وَحِضْنَا الشَّيْءِ: جَانِبَاهُ، وَحَضَنَ الطَّائِرُ بَيْضَهُ يَحْضُنُهُ: إِذَا ضَمَّهُ إِلَى نَفْسِهِ تَحْتَ جَنَاحِهِ، فَكَأَنَّ الْمُرَبِّيَ لِلْوَلَدِ يَتَّخِذُهُ فِي حِضْنِهِ وَإِلَى جَنْبِهِ، وَلَمَّا كَانَ الصَّغِيرُ عَاجِزًا عَنِ النَّظَرِ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ إِلَى مَنْ يَلِي عَلَيْهِمْ، فَفَوَّضَ الْوَلَايَةَ فِي الْمَالِ وَالْعُقُودِ إِلَى الرِّجَالِ، لِأَنَّهُمْ بِذَلِكَ أَقْوَمُ وَعَلَيْهِ أَقْدَرُ، وَفَوَّضَ التَّرْبِيَةَ إِلَى النِّسَاءِ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ وَأَحْنَى وَأَقْدَرُ عَلَى التَّرْبِيَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَأَقْوَى.

قَالَ: (وَإِذَا اخْتَصَمَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَلَدِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَالْأُمُّ أَحَقُّ) لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَزَعَمَ أَبُوهُ أَنَّهُ يَنْتَزِعُهُ مِنِّي، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» . وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أُمَّ ابْنِهِ عَاصِمٍ، فَتَنَازَعَا وَارْتَفَعَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: " رِيقُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ شَهْدٍ وَعَسَلٍ عِنْدَكَ يَا عُمَرُ "، وَدَفَعَهُ إِلَيْهَا وَالصَّحَابَةُ حَاضِرُونَ مُتَكَاثِرُونَ، وَلِأَنَّهَا أَقْوَمُ بِالتَّرْبِيَةِ وَأَقْدَرُ عَلَيْهَا مِنَ الْأَبِ فَكَانَ الدَّفْعُ إِلَيْهَا أَنْظَرَ لِلصَّبِيِّ، وَكُلُّ مَنْ لَهُ حَضَانَةٌ لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ الْوَلَدُ مَا لَمْ يَطْلُبْهُ فَعَسَاهُ يَعْجِزُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْأَبِ إِذَا امْتَنَعَ عَنْ أَخْذِهِ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْحَضَانَةِ حَيْثُ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ إِذَا امْتَنَعَ، لِأَنَّ الصِّيَانَةَ عَلَيْهِ.

قَالَ: (ثُمَّ أُمُّهَا ثُمَّ أُمُّ الْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>