للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ التَّدْبِيرِ وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي، أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ، أَوْ قَدْ دَبَّرْتُكَ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ مَعَ مَوْتِي، أَوْ عِنْدَ مَوْتِي، أَوْ فِي مَوْتِي، أَوْ أَوْصَيْتُ لَكَ بِنَفْسِكَ أَوْ بِرَقَبَتِكَ، أَوْ بِثُلُثِ مَالِي، فَقَدْ صَارَ مُدَبَّرًا،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَضَمَّنْ تَحْرِيمَ الْفَرْجِ لَا يُقْبَلُ بِأَنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى عِتْقِ إِحْدَى الْأَمَتَيْنِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَافْتَرَقَا، فَإِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى شَرْطًا لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ وَهَذَا الشَّرْطُ لَمْ يُوجَدْ هُنَا لَا تُقْبَلُ، لِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ مَجْهُولٌ وَالدَّعْوَى مِنَ الْمَجْهُولِ لَا تَتَحَقَّقُ، وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا عِنْدَهُمَا قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى فَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى التَّعْيِينِ. وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى عِتْقِ إِحْدَى الْأَمَتَيْنِ فَلِأَنَّ الدَّعْوَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ، فَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْفَرْجِ فَصَارَتْ كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، وَهَذَا إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ فِي صِحَّتِهِ، أَمَّا إِذَا شَهِدَ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ دَبَّرَهُ وَأَدَّيَا الشَّهَادَةَ فِي مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ قُبِلَتِ اسْتِحْسَانًا، لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ وَالْخَصْمُ مَعْلُومٌ، لِأَنَّ الْعِتْقَ يَشِيعُ بِالْمَوْتِ فِيهِمَا فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَيَّنًا.

[بَابُ التَّدْبِيرِ]

ِ وَهُوَ الْعِتْقُ الْوَاقِعُ عَنْ دُبُرِ الْإِنْسَانِ: أَيْ بَعْدَهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْهُ، وَحَقِيقَتُهُ أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ مَمْلُوكِهِ بِمَوْتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهِ أَنَّهُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ فَصَارَ كَالْمُعَلَّقِ بِدُخُولِ الدَّارِ، وَلِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْعَبْدِ بِرَقَبَتِهِ فَصَارَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْوَصَايَا، وَهُوَ إِيجَابُ الْعِتْقِ لِلْحَالِ، وَتَأْخِيرُ ثُبُوتِهِ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَسْتَدْعِي إِعْتَاقًا، وَالْمَيِّتُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْعَقِدَ التَّدْبِيرُ سَبَبًا لِلْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ لِيُسْتَفَادَ مِنْهُ الْحُرِيَّةُ فِي الْمَآلِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحُرِّيَّةِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ، لِأَنَّ عِتْقَهُ مُعَلَّقٌ بِمَوْتٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ وَأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُفْضِي إِلَى الْمَوْتِ قَطْعًا فَتَعَذَّرَ اعْتِبَارُهُ سَبَبًا. أَمَّا الْمَوْتُ الْمُطْلَقُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ فَكَانَ مُفْضِيًا إِلَى الْمَوْتِ فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهُ سَبَبًا لِلْحَالِ.

قَالَ: (وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي، أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ، أَوْ قَدْ دَبَّرْتُكَ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ مَعَ مَوْتِي، أَوْ عِنْدَ مَوْتِي، أَوْ فِي مَوْتِي، أَوْ أَوْصَيْتُ لَكَ بِنَفْسِكَ، أَوْ بِرَقَبَتِكَ، أَوْ بِثُلُثِ مَالِي - فَقَدْ صَارَ مُدَبَّرًا) أَمَّا لَفْظُ التَّدْبِيرِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِيهِ كَلَفْظِ الْعِتْقِ فِي الْإِعْتَاقِ، وَأَمَّا تَعْلِيقُ الْحُرِّيَّةِ بِالْمَوْتِ فَلِأَنَّهُ مَعْنَى التَّدْبِيرِ، وَأَمَّا مَعَ مَوْتِي فَلِأَنَّهَا لِلْقِرَانِ وَالشُّرُوطُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بَعْدَ مَوْتِي وَأَنَّهُ تَدْبِيرٌ، وَعِنْدَ مَوْتِي تَعْلِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>