للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَسْبُهَا وَأَرْشُهَا لِلْمَوْلَى، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَبِحِسَابِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ سَعَى فِي كُلِّ قِيمَتِهِ، وَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَضَمِنَ نِصْفَ شَرِيكِهِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ نِصْفُهُ (سم) ، بِالتَّدْبِيرِ وَسَعَى فِي نِصْفِهِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ: إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا، أَوْ إِنْ مِتُّ إِلَى عِشْرِينَ سَنَةٍ فَهُوَ تَعْلِيقٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَإِنْ مَاتَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ عَتَقَ.

بَابُ الِاسْتِيلَادِ

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

(وَكَسْبُهَا وَأَرْشُهَا لِلْمَوْلَى) لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْحُرِّيَّةَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَقَبْلَهُ هِيَ كَالْأَمَةِ، وَلِلْمَوْلَى تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَنَافِعَ بُضْعِهَا، وَيَمْلِكُ وَطْأَهَا وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْحُرَّةِ أَيْضًا، وَوَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ مُدَبَّرٌ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ فِيهَا فَيَتْبَعُهَا فِيهِ كَالْكِتَابَةِ.

قَالَ: (وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ) لِمَا رُوِّينَا مِنَ الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِالْمَوْتِ فَكَانَ وَصِيَّةً، وَالْوَصِيَّةُ تُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ، (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) مِنَ الثُّلُثِ (فَبِحِسَابِهِ) مَعْنَاهُ: يَحْسِبُ ثُلُثَ مَالِهِ فَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَيَسْعَى فِي بَاقِيهِ، (وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ سَعَى فِي كُلِّ قِيمَتِهِ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَالْمُرَادُ دَيْنٌ يُحِيطُ بِالتَّرِكَةِ، وَالْحُرِّيَّةُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ.

قَالَ: (وَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَضَمِنَ نِصْفَ شَرِيكِهِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ نِصْفُهُ بِالتَّدْبِيرِ وَسَعَى فِي نِصْفِهِ) لِأَنَّ نِصْفَهُ عَلَى مِلْكِهِ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَدْبِيرٍ، وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ جَمِيعُهُ بِالتَّدْبِيرِ، لِأَنَّ تَدْبِيرَ بَعْضِهِ تَدْبِيرُ الْجَمِيعِ وَهُوَ فَرْعُ تَجَزِّي الْإِعْتَاقَ (وَإِنْ قَالَ لَهُ: إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا، أَوْ إِنْ مِتُّ إِلَى عِشْرِينَ سَنَةٍ فَهُوَ تَعْلِيقٌ) ، وَهُوَ التَّدْبِيرُ الْمُقَيَّدُ (يَجُوزُ بَيْعُهُ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْحَالِ فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ وَالتَّصَرُّفَاتُ إِبْطَالًا لِلسَّبَبِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ لَا مَحَالَةَ فَأَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ إِبْطَالًا لِحَقِّ الْحُرِّيَّةِ فَيَجُوزُ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ، (فَإِنْ مَاتَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ عَتَقَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ مِنَ الثُّلُثِ لِمَا بَيَّنَّا. وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي النَّوَازِلِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُنْتَقَى: لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إِنْ مِتُّ إِلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: هُوَ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ مُدَّةً لَا يَعِيشُ إِلَيْهَا غَالِبًا فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ لِأَنَّهُ كَالْكَائِنِ لَا مَحَالَةَ.

[بَابُ الِاسْتِيلَادِ]

وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: طَلَبُ الْوَلَدِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ الِاسْتِفْعَالَ طَلَبُ الْفِعْلِ. وَفِي الشَّرْعِ: طَلَبُ الْوَلَدِ مِنَ الْأَمَةِ، وَكُلُّ مَمْلُوكَةٍ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ مَالِكٍ لَهَا أَوْ لِبَعْضِهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>